.........
تصدعات المباني في العالم العربي
مقدمة
لم تكن كلمة تصدع المباني معروفة ومشهورة بهذا التوسع والانتشار إلا في عصرنا الحاضر ولا شك في أن ذلك له ارتباط وثيق بالمادة الرئيسية للبناء في هذا الزمان ألا وهي الخرسانة ، فقبل معرفة الانسان بهذه المادة كانت معظم المباني تشيّد من مواد خفيفة كالطين والطمي بأنواعهما المختلفة أو الثقيلة كالحجارة
ومنذ أن عرف الانسان مادة الخرسانة واستطاع أن يربط بينها وبين حديد التسليح في أشكال تصميمهما وتنفيذهما المختلفة توسعت المباني والمنشآت في أنماط أشكالها وارتفاعاتها وسعتها بشكل لم يشهده عصر من العصور السابقة كما تطورت وتعقدت نظريات التصميم وشروط التنفيذ ومواصفات البناء وكثرت التصدعات وازدادت الانهيارات
ومنذ أن ظهرت الخرسانة عرفت على أنها لاتتحمل إلا القليل من العزوم أو القص أو الفتل وأنها ماإن تتعرض إلى حالة من هذه الحالات في أدنى صورها إلا وتظهر عليها التشققات والتصدعات ، فقد ولدت الخرسانة وولدت معها تصدعاتها وتشققاتها الذاتية التي تحدث من جراء تعرضها لأي جو حار أو بيئة غير مناسبة أو وضع غير سليم ، ولهذا فقد انطلقت بعض مواصفات وشروط التصميم على اعتبار أن مقطع الخرسانة في منطقة الشد متصدع فلا غرابة إذاً أن تتصدع الخرسانة إذا تعرضت للأجواء القاسية منذ أول يوم لصبها وإذا كانت البيئة التي حولها تعمل على الفتك بها وإذا حُمّلت مالا تستطيع أن تتحمله أو لم تلق الرعاية والصيانة التي تحافظ عليها من أي مشكلة أو خطر قد تتعرض له
أوجه الاختلاف والتشابه في مجال الانشاءات بالدول العربية
المباني الأثرية والقديمة
تكاد تتشابه المباني القديمة في البلاد العربية فهي إما أن تكون من الطمي والطين أو من الحجارة ، وهذه المباني عمّر معظمها دهراً طويلاً وإن أصابتها بعض التصدعات والتآكل والتدهور إلا أن إصلاحها لا يحتاج إلى تقنيات حديثة أو صعبة أو مكلفة وخاصةً الطينية منها ، وما زال كثير من هذه المباني يستعمل في السكن مع أن بعضها متصدع بشكل كبير إلا أن طريقة إنشائها وخاصةً المبنية من الحجارة الضخمة والثقيلة تجعلها تتحمل كل العيوب التي بها دون أن تشكل خطراً كبيراً على ساكنيها إلا في حالات الهزات الأرضية والكوارث الطبيعية
المباني غير الخرسانية
يندر وجود مبان متوسطة العمر أو حديثة العمر غير خرسانية في المشرق العربي ، بينما قد تتوفر في المغرب العربي مبان حديثة ومتوسطة العمر تعتمد على جدران حاملة من الحجارة أما الأساسات والأسقف فهي من الخرسانة المسلحة ، كذلك قد يوجد في النادر بعض المباني التي تقام على جدران حاملة من الطوب بأنواعه المختلفة وبقية الهيكل من الخرسانة المسلحة
أما النوع الآخر من المباني الحديثة غير الخرسانية فهو البناء من الفولاذ الصلب وقد نجد عدداً لابأس به من هذه المباني في بعض عواصم الدول العربية والمدن الهامة بها وسوف لن نتطرق إليه
المباني الخرسانية
معظم المباني الخرسانية في العالم العربي الصغيرة منها والكبيرة لها النظام الانشائي نفسه وهو عبارة عن هيكل من الأعمدة والجوائز والبلاطات التي تستند في الغالب على رقاب للأعمدة وجسور أرضية تنتهي إلى الأساسات المنفردة أو المستمرة أو الحصائر وتستخدم الأوتاد في بعض الأبنية التي تتطلب تربتها مثل هذا النوع من الأساسات
أنواع التصدعات وأسبابها في العالم العربي
يفتقر العالم العربي على المستوى القطري والإقليمي والعربي على السواء إلى قاعدة للبيانات في المجالات المختلفة تحتوي على التجارب والأبحاث والخبرات التي توفر للباحث المعلومات الضرورية التي يحتاجها في هذا البحث أو ذاك وتساعد على التنسيق وتفادي الإزدواجية
لذلك فمن الصعب جداً على المرء أن يعمم تجارب مدينة أو منطقة على قطر ويصعب كذلك تعميم تجارب بلد على عدة بلدان وستبقى هذه المشكلة حتى توجد مثل هذه القاعدة العامة للمعلومات التي يمكن الاستعانة بها على المستوى القطري والإقليمي والعربي
ولم يكن لي من حيلة في الوصول إلى بعض التعميم حول موضوع التصدعات وأسبابها في العالم العربي إلا من خلال الاستعانة بمجلد البحوث الخاص بندوة تصدعات المباني في العالم العربي ، وكنا نتمنى أن يستمر عقد هذه الندوة كما كان مقرراً لها كل ثلاث سنوات لكي يكون لدينا اليوم أكثر من مجلد ولربما كان التعميم أفضل والمعلومات أوفر فالخبرة التي يعكسها هذا البحث هي لثلاثة أقطار بشكل رئيسي ـ مصر ـ السعودية ـ سورية مضافاً إليها ما للباحث من خبرة في هذا المجال
تصنيف التصدعات وأسبابها في العالم العربي
كوارث طبيعية | مواد كيماوية | قصور في التصميم | سوء التنفيذ | ميكانيكا التربة وهندسة الأساسات | صدأ التسليح | العوامل الجوية والظروف المحيطة | النوع |
3 | 25 | 13 | 58 | 34 | 26 | 50 | عدد الحالات |
1.4 | 11.5 | 6.2 | 27.5 | 16.1 | 12.3 | 23.7 | النسبة المئوية |
جدول تصنيف التصدعات وأسبابها طبقاً للأبحاث المقدمة في ندوة تصدعات المباني في العالم العربي
يظهر الجدول أن التصدعات الإنشائية بسبب سوء التنفيذ تأتي في المرتبة الأولى يلي ذلك التصدعات التي تحدث بفعل العوامل الجوية والظروف البيئية المحيطة مثل تصدعات الإنكماش والحرارة والتشققات الذاتية والتي تحدث في الخرسانة في عمرعا الأول وهي الأخرى تعد تنفيذية في غالبها ، ومن هذا يمكن القول أن أكثر من50 % من التشققات تحدث بسبب سوء التنفيذ والجدول التالي يبين بعض أسبابها
أسباب تتعلق بسوء التنفيذ | مسلسل |
استعمال مواد أولية رديئة ولا تطابق المواصفات | 1 |
خرسانة فقيرة وضعيفة ومقاومتها أقل بكثير من المطلوب في مواصفات المشروع | 2 |
تقليل كمية التسليح وتقليل عرض القطاعات وسمكها | 3 |
عدم مراعاة الظروف المناخية والبيئية المؤثرة وعدم أخذ الاحتياطات لفروق درجات الحرارة بين الخرسانة والجو الخارجي وخاصةً عند صب كميات ضخمة من الخرسانة | 4 |
إهمال الدعم الجيد للشدات وعدم مراعاة أصول الصناعة والمواصفات في كيفية تثبيتها وخاصةً عند إنشاء الأذرعة ، وفي بعض الحالات إزالة الشدات قبل حصول الخرسانة على المقاومة المطلوبة | 5 |
إضافة أحمال جديدة فوق البلاطات أو الجسور أو الأعمدة دون مراعاة لما تتطلبه من حلول إنشائية صحيحة | 6 |
إهمال التصريف الصحيح لمياه الأمطار وسوء تنفيذ الميول والصرف الصحي وعدم العزل الجيد للأنابيب | 7 |
إهمال أنظمة ضبط الجودة ومراقبتها في المصنع والموقع | 8 |
عدم اختيار جهاز الإشراف الجيد والمقاول الكفء القادرين على استدراك الأخطاء وحل مشكلات التنفيذ | 9 |
سوء اختيار أماكن الفواصل وتنفيذ بعضها وإهمال الآخر | 10 |
زيادة تحميل الأعضاء الخرسانية في عمرها الأول عما تتحمله مقاومتها كتخزين مواد الإنشاء ومعدات التشييد | 11 |
قطع أسياخ التسليح وإيجاد فتحات في الخرسانة لم تؤخذ في التصميم الإنشائي | 12 |
فقدان الاهتمام والعناية بنقل ورفع وتركيب وتثبيت الوحدات مسبقة الصنع | 13 |