انتقد منسق المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي، عبد المالك رحماني، أمس، الفلسفة التي تقوم عليها المدرسة الجزائرية، التي تقوم في تقديره على تخريج "اتكاليين"، بدل تكوين شباب يعتمد على نفسه ويساهم في خلق مناصب عمل، مرجعا مشاكل التوجيه في الجامعات إلى محدودية إمكانيات القطاع، وإلى وضعية الاقتصاد الوطني
وأرجع ممثل أساتذة التعليم العالي المشاكل التي تطفو إلى السطح أثناء عملية توجيه الحائزين على شهادة البكالوريا نحو التخصصات التي تقترحها وزارة الجامعات، إلى توجيههم نحو تخصصات يصفونها بالمنبوذة، قائلا بأنه لو توفرت الإمكانيات الكافية لدى وزارة التعليم العالي لإرسال جميع الطلبة الناجحين في البكالوريا إلى تخصص الطب لفعلت ذلك، وغلقت باب الاحتجاجات والمشاكل
وانتقد المتحدث في اتصال مع "الشروق" أمس، الفلسفة التي تعتمد عليها المدرسة الجزائرية، لأنها لا تعتمد على عقلية "المقاولاتية" التي تجعل المتخرج يساهم في خلق مناصب عمل، دون الاتكال على الدولة في توظيفه، مؤكدا بأن المدرسة فشلت فشلا ذريعا في تكوين رجال يعتمدون على أنفسهم، مصرا على أهمية الخروج في منطق الاتكال، واعترض المصدر ذاته على استياء الأولياء وكذا الطلبة الجدد من عملية التوجيه التي لم تكن متناسبة مع طموحاتهم ورغباتهم، موضحا بأن الأمر يتطلب الكثير من التوعية طوال السنة، وقبيل انطلاق امتحانات شهادة البكالوريا، حتى يعرف الطلبة الإمكانيات البيداغوجية لقطاع التعليم العالي مسبقة، مما يساعدهم على انتقاء التخصصات التي يريدونها.
ويرى عبد المالك رحماني، بأن التوجيه مرتبط بالاقتصاد الوطني وطبيعة احتياجاته، "وطالما ما يزال الاقتصاد ضعيفا، فهو لن يستطيع المساهمة في خلق مناصب عمل وامتصاص المئات من حاملي الشهادات الذين يتخرجون سنويا من الجامعات"، قائلا بأنه على الدولة أن تخطط تحسبا للمراحل المقبلة.
وعلى الجهة المقابلة، وصف ممثل جمعيات أولياء التلاميذ، خالد أحمد، عملية التسجيل النهائي بالنسبة للفائزين في شهادة البكالوريا بالكارثي، قائلا بأن فرحة النجاح بشهادة البكالوريا لا تدوم لدى الأولياء أو الطلبة سوى 15 يوما، لتبدأ مرحلة التوتر والقلق، حينما يجد الطالب نفسه في تخصصات لا يميل إليها ولا يرغب فيها
ووصف المتحدث في اتصال بـ "الشروق"، عملية التوجيه التي تتولاها وزارة التعليم العالي بالتعسفية وغير الموضوعية، بحجة أن الحائز على شهادة البكالوريا يتعب 15 عاما ليجد نفسه في تخصص لا يريده، قائلا: "هذا تحطيم للمعنويات وإحباط للطبلة المقبلين على اجتياز هذه الشهادة"
ودعا خالد أحمد إلى ضرورة التدخل العاجل للسلطات العليا للبلاد لمعالجة هذا الإشكال، متسائلا عن سبب رفع نسبة النجاح في البكالوريا، ثم يتم تحطيم الناجحين عن طريق عملية التوجيه،"فكأنهم لم يفعلوا شيئا"، وفي تقديره فإنه ينبغي على وزارة التعليم العالي أن لا تفرض التخصصات على الطلبة، وأن تفتح المجال للمسابقات لكن في ظل الصرامة والشفافية، مرجعا الإقبال على تخصص الطب وكذا مدارس الأساتذة إلى ما توفره من فرص عمل "لكن هذا منطق خاطئ"، وبرأيه فإنه ينبغي تحسيس الطلبة منذ مرحلة الإكمالي والثانوي بالتخصصات التي تناسب قدراتهم وميولهم حتى لا يواجهوا مشاكل مستقبلا.