دعم الكفاءات الوطنية بالخبرة الصينية
يستفيد 967 أستاذا مكونا من مختلف مراكز التكوين المهني بولايات الوطن، من دورة تكوينية بورشة إنجاز جامع الجزائر بالعاصمة، لاكتساب خبرة المؤسسة الصينية المكلفة بتجسيد هذا المشروع، وتعلم مختلف التقنيات التي تعتمدها في مجال البناء، وتعميمها بعد ذلك في برامج التكوين الموجهة لفائدة الشباب المتكون.
وقد أعطى وزير التكوين والتعليم المهنيين، السيد محمد مباركي، رفقة سفير الصين بالجزائر، السيد ليو يوه، أمس، بالمعهد الوطني للتكوين والتعليم المهنيين بحيدرة، إشارة الانطلاق الرسمي لهذه الدورة التي تندرج في إطار تجسيد محاور الشراكة المبرمة بين الجزائر والصين من جهة وبين القطاعات الوطنية الوزارية من جهة ثانية، حيث تهدف العملية التي تستفيد منها في النهاية ثلاثة قطاعات حيوية، هي التكوين المهني، السكن والعمران والشؤون الدينية إلى تحسين آداء الإطارات الجزائرية في مجال البناء، واكتساب المهارات والتقنيات المتطورة التي تعتمدها المؤسسات الصينية في ميدان البناء بشكل عام، وإنجاز مشروع المنشأة الدينية الذي يعتبر من أكبر المشاريع الجاري إنجازها في الوقت الحالي بالجزائر. وفي هذا الصدد، تم تحديد مدة التكوين بـ42 شهرا وهي المدة التي تمثل آجال إنجاز الجامع الأعظم، على أن تتوزع الدفعات المتكونة والمشكلة من أساتذة ومكونين يعملون كمهندسين ومهندسين معماريين وتقنيين في البناء على أفواج يضم الأول 40 فردا، فيما تتشكل الأفواج الأخرى من 20 فردا، ويتلقى هؤلاء المكونون الذين سيشكلون النواة الأولى من إطارات القطاع التي تستفيد من خبرة الصينيين في البناء تكوينا نظريا بمعهد التكوين والتعليم المهنيين ببئر خادم، فضلا عن تكوين تطبيقي بمعدل 4 أيام في الأسبوع داخل ورشة إنجاز مشروع الجامع الكبير بالمحمدية، وذلك على امتداد كافة مراحل تشييد هذا الصرح الحضاري.وبالمناسبة، أبرز وزير التكوين والتعليم المهنيين أهمية هذه العملية التكوينية بالنسبة لقطاعه الذي سيتمكن بفضلها من دعم برامح التكوين المعتمدة في تخصصات البناء،
وبالنسبة للبلاد بشكل عام، على اعتبار أن هذا التكوين المتخصص يتطابق بشكل تام مع المحاور الرئيسية للسياسة الوطنية المتبناة من قبل الحكومة في مجال التكوين والتعليم المهنيين، والمتضمنة تحسين برامج ومناهج التكوين ومواءمتها مع متطلبات المؤسسات والاقتصاد الوطني. وحسب مسؤول القطاع فإن هذه الدورة التكوينية التي تعكس انفتاح المؤسسات الصينية الشريكة على قطاع التكوين المهني والتي ينتظر أن تتبعها عمليات مماثلة في تخصصات أخرى، تندرج في مسعى الحكومة الرامي إلى جعل التعليم والتكوين المهنيين أداة للإجابة عن الاحتياجات الإقتصادية والإسهام في المشاريع الاستراتيجية ومرافقة الورشات الكبرى المفتوحة بالجزائر على غرار ورشة بناء جامع الجزائر، مشيرا في نفس السياق إلى أن العملية من شأنها التكفل بالانشغال المرتبط بتسهيل تشغيل الشباب وإدماجهم في المشاريع الوطنية الكبرى.
وردا عن سؤال "المساء" حول إمكانية مثل هذه العمليات في معالجة مشكل العجز المسجل في اليد العاملة بقطاع البناء، أوضح الوزير بأن قطاع التكوين المهني يؤدي واجبه الكامل في مجال تكوين الشباب في مختلف تخصصات البناء، بدليل أن ما يكونه في هذا المجال وما يوفره من مناصب لسوق الشغل في قطاع البناء يتجاوز نسبة الطلب في هذه التخصصات، مقدرا بالتالي بأن مشكل العجز في اليد العاملة له أسباب أخرى تتجاوز التكوين.وفي سياق متصل، استغرب السيد مباركي الانتقادات الموجهة لقطاع التكوين بالجزائر، والتي تحصر التخصصات التي يوفرها في بعض الحرف الصغيرة، مؤكدا بأن قطاعه وضمن استراتيجية مرافقة الحياة الإقتصادية وتحيين قائمة التخصصات ومطابقتها مع الحاجيات الوطنية، فتح في الفترة الأخيرة العديد من التخصصات الجديدة، منها 100 تخصص تم فتحه في جانفي 2013، لتضاف إلى الـ300 تخصص التي يقترحها القطاع.من جانبه، اعتبر سفير جمهورية الصين الشعبية بالجزائر السيد ليو يوه الدورة التكوينية المفتوحة لفائدة المهندسين والتقنيين الجزائريين في مجال البناء، داخل الورشة التي تشرف عليها المؤسسة الصينية للبناء، بأنها تعكس الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة الجزائرية لترقية التكوين من جهة والتكفل بانشغالات الشباب في مجال الشغل من جهة ثانية، مؤكدا بأن هذه العملية التي ترمي إلى تدعيم أداء وفعالية التقنيين الجزائريين في الميدان ستسمح بخلق ثروة هامة من الكفاءات والخبرات الجزائرية، مثلما تعزز أواصر الشراكة التاريخية التي تجمع الجزائر والصين. وفي حين أشار إلى أن مؤسسات بلاده بالجزائر مستعدة لفتح ورشاتها عبر مختلف الولايات لدفعات المتكونين، أكد السفير بأن مثل هذه العمليات بإمكانها أن تعود بالفائدة على المؤسسات الصينية نفسها في مجال تشغيل بعض التقنيين في تخصصات معينة، والاستعانة بهم محليا بدلا من استقدامهم من الصين، مقترحا في نفس السياق برمجة دورات تكوينية مماثلة بالصين بإشراف من المؤسسة الصينية للبناء.