نص المشروع
المشروع التمهيدي لأخلاقيات المهنة و استقرار النظام التربوي
مبادئ أخلاقيات مهنة التعليم بيـــان الدولية للتربية
مبادئ أخلاقيات مهنة التعليم روابط مهمة
مبادئ أخلاقيات مهنة التعليم بيـــان الدولية للتربية
الديباجةلقد ساهم تاريخ نظامنا التربوي الذي قطع أشواطا في مساره الزمني، على غرار مجمل تجاربنا في مجال السياسة التربوية والبيداغوجيا، في تبيان أهمية توفر مرجعية واضحة لمجموعة من المبادئ الأخلاقية والأدبية. وقد أخذت تتشكل بوادر إجماع حول هذه المبادئ، وهو الإجماع الذي يتعين توضيحه وتوسيع دائرته ومن ثمة تعزيزه بالتنصيص عليه في ميثاق.يستند هذا الإجماع على القيم المرتبطة بالتقاليد الثقافية الأكثر عمقا لمجتمعنا كما يستند أيضا إلى المبادئ الأخلاقية الأساسية التي يتجه بعدها العالمي، الشكلي على الأقل، لأن ينال اعتراف أغلبية الدول إن لم نقل كافة الدول.إن صياغة هذه القيم وهذه المبادئ الأخلاقية والأدبية في ميثاق ترمي إلى تعزيز التبني الذي تثيره، بصفة طبيعية، لدى الأشخاص والمجموعات التي تتشكل منها الجماعة التربوية؛ كما ترمي أيضا إلى تعميم احترامه وتطبيقه.يتجه تاريخ المؤسسات التربوية، سواء الوطنية منها أو الدولية، إلى تبيان أن الالتفاف الديناميكي حول مبادئ أخلاقية وأدبية واضحة وتوافقية، يساهم بقوة في ضمان سير جيد، بيداغوجي إداري، لمجمل الأجهزة البيداغوجية.إننا لا نستطيع أن نشارك بفائدة في الحركة التربوية والعلمية في شكلها المعولَم حاليا، دون أن تتحلى التفاعلات بين مختلف مركبات الجماعة التربوية الوطنية بالسخاء في تبليغ المعارف، وبالإنصاف في تطبيق النصوص القانونية والتنظيمية وفي احترام الفوارق.لا يأخذ اعتماد المبادئ الأخلاقية والأدبية كل قيمته إلا إذا كان يوحي بسلوكات الأعوان الذين يتدخلون في كافة مستويات النظام التربوي، من مدرسين وتلاميذ وإداريين وأولياء ونقابات،…I/ الأسس القانونية:يندرج هذا الميثاق ضمن مجمل النصوص الأساسية التشريعية والتنظيمية المعمول بها في بلادنا. فالمبادئ التي ينص عليها مستمدة بالخصوص من:
- نص وروح دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية؛
- القانون التوجيهي للتربية الوطنية الصادر في 23 يناير 2008؛ حيث صاغت مواده 5، 7، 16، و19 المبادئ التي تهم بالأخص الأخلاقيات والأدبيات المدرسية.
- تذكّر المادة 5 بأن المؤسسة التربوية التي أوكلت لها وظيفة أساسية للتنشئة الاجتماعية يجب أن تكون على “اتصال وثيق مع الأسرة التي تعتبر امتدادا لها، فالمدرسة تربي التلميذ على احترام القيم الروحية والأخلاقية والمدنية للمجتمع”.
- تنص المادة 7 على أن “التلميذ يحتل مركز اهتمامات السياسة التربوية”، وهو المبدأ الذي تحاول الرؤى الاقتصادية أو التنظيمية البحتة أن تتغاضى عنه.
- تنص المادة 16 على أن ” المدرسة تعتبر الخلية الأساسية للمنظومة التربوية الوطنية، وهي الفضاء المفضل لإيصال المعارف والقيم. يجب أن تكون المدرسة، في منأى عن كل تأثير أو تلاعب ذي طابع إيديولوجي أوسياسي أو حزبي…”
- المادة 19 تقر بأن “الجماعة التربوية تتشكل من التلاميذ ومن كل الذين يساهمون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في تربية وتكوين التلاميذ، وفي الحياة المدرسية وفي تسيير المؤسسات المدرسية”.
- في بعده العالمي، يأخذ ميثاق أخلاقيات وأدبيات الجماعة التربوية في الحسبان النصوص الصادرة عن الهيئات الدولية والتي صادقت عليها الجزائر، بالأخص: الاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الطفل (لاسيما المواد 2، 3، 5، 7، 9، 12، 13، 16، 23، 24، 27، 28 و29)، والمعاهدة الدولية للحقوق الاقتصادية، والاتفاقية المتعلقة بالقضاء على كل أشكال الميز تجاه النساء.
يتمثل أحد أهداف هذا الميثاق في الإسهام في توفير الظروف، داخل الجماعة التربوية، من أجل تجسيد المبادئ المصاغة في النصوص الأساسية المتعلقة بالتربية. إن ميثاق الأخلاقيات والأدبيات، بتوضيحه لطبيعة القواعد الأخلاقية والأدبية التي يجب أن تحكم نشاط أعضاء الجماعة التربوية، يساهم بذلك في إقامة جو يساعد على السير الحسن للمؤسسات المدرسية وعلى تنظيم الجماعة التربوية.II/ المبادئ العامة:يتبيّن من روح النصوص الأساسية المذكورة سلفا، واعتبارا لتجربة الجزائر المتراكمة في مجال السياسة والتسيير التربويَّين، إمكانية حصول إجماع بشأن أربعة مبادئ تتمثل في: النزاهة، الاحترام، الكفاءة المهنية والحفاظ على الاستقرار داخل المؤسسات التربوية.لا يمكن أن يحقق النظام التربوي أهدافه إلا إذا تحلى جل الأشخاص الذين يتكون منهم بالنزاهة والأمانة في كل سلوكاتهم. ويترتب عن ذلك أنه لا يمكن السماح لمواقف تتسم بالكذب، الغش، الفساد، النميمة، التشنيع، المحاباة أو استعمال العقاب البدني؛ حيث يجب أن تكون محل معاقبة مناسبة.لا تقتصر ممارسة مهنة التعليم على إيصال المعارف التعليمية؛ إذ تتضمن أيضا بعدا أخلاقيا يفترض من المعلم أن يكون قدوة فيما يخص الإنصاف، السماحة والمواطنة وكذلك فيما يتعلق بحسن المعايشة. لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون خدمةُ الراشد تجاه التلميذ محل مساومة.يتعين أن تحتل العلاقات القائمة بين الأشخاص والمجموعات التي تتركب منها الجماعة التربوية، مكانة تتسم بفائق الاحترام المتبادل. ويتجسد ذلك عمليا بضرورة إنصات كافة أعضاء الجماعة التربوية، مهما كان مستواهم السلَّمي، لما يقوله الغير (تلميذ، مدرّس، مشرف، عون الصيانة،…)، وبالأخص التعبير عن تجاربه، ويكون ذلك بعناية وبكل الاهتمام الذي يستحقه، وألا يعرقلوا، بسبب التقصير أو سوء النية، ممارسة كل واحد، بشكل كامل وتام، للحقوق التي اقرها له القانون. ويستلزم ذلك معرفة جيدة للقوانين والنصوص التنظيمية التي تشكل الإرساء القانوني لتنظيم سير الجماعة التربوية.يتجسد احترام الذات والغير يوميا، عن طريق ارتداء هندام لائق وبالتصرف الذي لا يعاب عليه، سواء كان ذلك في التبادل اللفظي بين أعضاء الجماعة التربوية أو في العمل داخل المؤسسة المدرسية. يعدّ الاحترام الشرط الأساسي للعيش معا، في جو يسوده السلام والتفاهم والتعاون. يشكل احترام الذات أساس الاحترام المتبادل واحترام الغير.يجب أن يحس كافة الأشخاص المنتمين إلى الجماعة التربوية بلزوم بذل المزيد من الجهود للحصول على كفاءة مهنية وتعزيزها. فالحاجة إلى التحسين المتواصل لنوعية العمل، يجب أن تشكل دافعا لكل من التلاميذ والمدرسين والإداريين وكافة الأشخاص الذين هم على صلة بالنظام التربوي. ويقتضي ذلك أن يستغل العاملون المتدخلون في المؤسسات التعليمية كل الفرص لإثراء معلوماتهم وتمتين تكوينهم.تنعكس دائما الخلافات والنزاعات، مهما كانت أسبابها ومداها، سلبا على تمدرس التلاميذ؛ حيث تنصب الآثار السلبية لهذه النزاعات على تطور تنفيذ البرامج وعلى رزنامة الامتحانات فتؤول إلى تقليص بل وحذف فترات زمنية من العطل المدرسية، كما أنها تؤثر على الحالة النفسية للمتعلمين إزاء دراستهم فيفقدون الدافعية وتضيع منهم المعارف والمهارات التي سبق أن اكتسبوها. وهكذا يتجلى مبدأ ضرورة الحفاظ على الاستقرار والسكينة كأولوية داخل المؤسسات المدرسية. يجب ألا يتم اللجوء إلى الإضراب، حتى عندما يجري بمراعاة القانون، إلا بعد استنفاد كل أشكال حل النزاعات المبنية على الحوار.III/ حقوق وواجبات أعضاء الجماعة التربوية:يقتضي اعتماد هذه المبادئ الأخلاقية والأدبية أن يقر الجميع بحقوق وواجبات أعضاء الجماعة التربوية ويحترموها؛ حيث يؤدي هذا الإقرار المتبادل لحقوق وواجبات كل واحد، إلى ثلاثة التزامات على الخصوص، تتمثل في:
- أن يحترم أعضاء الجماعة التربوية، بما فيهم الشركاء الاجتماعيون، المبادئ المنصوص عليها في هذا الميثاق، وبالأخص في بعدها المتعلق بالعلاقات مع التلاميذ. يجب عليهم أن يأخذوا كل الإجراءات المناسبة حتى يكون التلميذ في منأى عن كل شكل من أشكال الميز؛
- أن يسهروا على أن يكون سير وتنظيم المؤسسة المدرسية مطابقا للمقاييس المحددة في التشريع والتنظيم، لاسيما في ميداني الأمن والصحة؛
- أن يقدموا للتلميذ، بكيفية تناسب قدراته، التوجيهات والإرشادات المناسبة لممارسة الحقوق التي أقرّها له هذا الميثاق.
يعتبر التلميذ مصدر وجود النظام التربوي؛ فهو كما ينص عليه القانون التوجيهي للتربية الوطنية، “يحتل مركز اهتمامات السياسة التربوية”.
- الحقوق:
- لا يسمح بأي مساس بكرامة التلميذ ويجب أن يكون كيانه البدني والمعنوي محل احترام مطلق؛
- يجب الابتعاد عن كل عنف بدني أو معنوي يستهدف التلميذ، صادر عن عضو من الجماعة التربوية؛
- يحمي التشريع والتنظيم المدرسيان الجزائريان التلميذ من كل عنف بدني أو معنوي. تقر هذا الحق أيضا الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في المادة 16 منها؛
- للتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة الحق المطلق في حياة مدرسية لائقة وفي ظروف تحفظ لهم كرامتهم وتساهم في دعم استقلاليتهم وإمكانياتهم للمشاركة الفعلية في الحياة المدرسية ضمن الجماعة؛
- يجب أن يكون التلميذ محل متابعة طبية فعالة ما أمكن، خصوصا بالاستفادة من خدمات وحدات الكشف والمتابعة الصحية؛
- يجب تزويد التلاميذ بمعلومات ذات طابع وقائي تخص النظافة الصحية والتغذية ومخاطر الحوادث التي يمكن أن تحدث داخل المؤسسة أو خلال مسارهم المؤدي من البيت إلى المدرسة أو في المنزل. يتعين كذلك أن توضح لهم المواقف التي ينبغي اتخاذها إذا حدثت كوارث طبيعية؛
- زيادة عن فرص التعبير التي تتاح للتلاميذ خلال الفترات التفاعلية في الحصص التعليمية، يتعين منح فرص أخرى للتلاميذ لأخذ الكلمة بمختلف الطرق من خلال الجمعيات الثقافية والرياضية وعن طريق مندوبي القسم أو المؤسسة المنتخبين بصفة نظامية، أو كذلك بواسطة جريدة القسم أو المؤسسة، أو علبة الأفكار،…إن هذا الحق في التعبير قد أقرته لهم الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في المادة 16 منها؛
- يجب أن يعتبر كحق، تمكين التلميذ من المشاركة في أنشطة منظمة ومتنوعة: الأنشطة الثقافية (مسرح، سينما، شعر، أعمال تقليدية،…)، أنشطة رياضية، خرجات للاستعلام عن الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية المحلية، زيارات للمتاحف والمواقع الأثرية،…؛
- يجب توفير المرافق والتجهيزات الملائمة والضرورية للأنشطة البيداغوجية في كل المؤسسات المدرسية؛
- يجب أن تبلغ للتلاميذ وأوليائهم، بصفة منتظمة، كل معلومة تخص الحياة المدرسية في مؤسستهم ومختلف التوجيهات المعروضة عليهم وعمليات التقييم التي تخص مسارهم الدراسي، إلخ بحيث تكون متلائمة مع سن التلاميذ ومستواهم التعليمي.
تنتظر المؤسسات وأعضاء الجماعة التربوية من التلميذ أن يلتزم بمجموعة من قواعد الانضباط التي ينبغي أن يفهم مغزاها ويتقبلها عن قناعة.وهكذا ينبغي له أن يواظب على الحضور ويحترم المواقيت ويراعي قواعد النظافة والصحة وأن يمتنع عن تخريب أثاث القسم وكل التجهيزات التي تتوفر عليها المؤسسة. وفيما يخص علاقاته بالتلاميذ الآخرين، وبالمدرّسين والعاملين بالمؤسسة، يجب على التلميذ أن يطبق قواعد الآداب بشكل متواصل،حيث يتعين أن يبتعد عن كل عنف في هذه العلاقات. يجب على التلميذ أن يشارك في الأنشطة الرياضية والثقافية المنظمة بالمؤسسة، إلا إذا تعذر عليه ذلك لأسباب مؤكدة.يقصد بالمربين، مجمل العاملين بالمؤسسة الذين يمارسون نشاطا بيداغوجيا مباشرا أو غير مباشر على التلاميذ: المدرسون، موظفو التأطير (مدير المؤسسة، الناظر، مستشار التربية، مساعد التربية وبقية الأعوان).ب) الواجبات:يشكل الموظفون الإداريون المركزيون أو المنتمون إلى الهيئات الإدارية اللاممركزة، السند والحافز لكل أنشطة الجماعة التربوية. إنهم يسهرون على توفير كل الظروف الضرورية لسيرها الجيد.يمكن لأولياء التلاميذ، سواء الذين ينشطون ضمن الجمعيات أو الذين يوجدون خارجها، أن يساهموا مساهمة هامة، في السير الإداري والبيداغوجي الجيد للمؤسسات التعليمية. يمكنهم أن يساعدوا على إقامة تواصل أكثر فعالية وبأكبر قدر من التفاهم، بين المدرسين والتلاميذ.إن تتبع الأولياء تتبعا ذكيا لعمل أبنائهم، من شأنه أن يساهم في نجاحهم المدرسي. فأهمية الدور المنوط بهم يمنحهم حقوقا ويسند لهم واجبات.المقصود بالشركاء الاجتماعيين مؤسسات الدولة والجماعات المحلية والنقابات المعتمدة وفروعها في مستوى المؤسسات، وجمعيات أولياء التلاميذ المعتمدة، ومركبات الحركات الجمعوية ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة بالتربية.الخاتمةيرمي هذا الميثاق إلى توفير ظروف إقامة توازن فعال بين مختلف المركبات والفاعلين في الجماعة التربوية وشركائهم الاجتماعيين. يمكن لهذا التوازن، الذي ينبغي أن ينتج عن احترام الجميع للأدوار المسندة لكل واحد، أن يؤدي، على مستوى كل النظام التربوي، إلى إقامة مناخ من الطمأنينة والاستقرار الضروريين لتنفيذ العديد من العمليات المركبة. وهي العمليات التي يجب القيام بها من أجل رفع مستوى الأداءات البيداغوجية ونوعية الحكامة واحترام الأخلاقيات والإنصاف.منقول