......
الامتياز الجديد في سلك التعليم!
الغش في الدراسة والمسابقات..
الشروق : 18/08/2016كان بالأمس من السلوكيات القبيحة التي ينبذها الأشخاص خاصة في التعليم، أمّا اليوم فقد أصبح امتيازا يحقّق به الكثير من الناس العديد من الغايات سواء في المسابقات أو الدراسة، صار الغش وللأسف الطريقة الوحيدة التي عوضت الاجتهاد الذي كان هو الطريق الوحيد لطلب العلا وطرق أبواب النجاح وفي كل الأطوار، بل لم يبق خاصا بالتلاميذ والطلاب بل تعداه إلى المعلمين والأمر أعظم، فكيف بمن يعلم مكارم الأخلاق أن يصبح غشّاشا.
ظهر هذا الفساد بين الطلاب والتلاميذ في المدارس منذ زمن بعيد، غير أنه في الآونة الأخيرة تفشى بشكل رهيب كيف لا وبسببه أعيدت برمجة مسابقة البكالوريا لهذه السنة، وهي المسابقة الأكبر قيمة ورفعة في الجزائر وخارجها، تخصص لها كل الوسائل وكذا الإطارات والموارد من أجل إنجاحها، لكن هذا العام فشلت وبالضربة القاضية والمتهم اسمه الغش.
كان في ما مضى الاجتهاد في المدرسة هو ما يحدد مستوى الطلاب والتلاميذ، لكن في السنوات الأخيرة خلفته طريقة أخرى للنجاح في الدراسة أو المسابقات من دون تعب ولا كلل، يكفي فقط بعض القصاصات من الورق تلصق في أنحاء عدة من الجسم وبين الثياب، ويصبح من لم يجلس على مقاعد الدراسة طول السنة وذلك الكسول والمشاكس من الأوائل في نيل الشهادات والمرور إلى أطوار متقدمة في الدراسة.
وتطورت وسائل الغش التقليدية إلى استعمال وسائل الاتصال الحديثة
الغش في الجزائر مثله مثل شيء آخر يمر عبر صيحات وموضات جديدة، وهو ما نشهده اليوم، فقد انتقل الغش في التعليم والدراسة ونيل المسابقات من التقليد المعمول به عن طريق القصاصات الورقية، إلى وسائل التواصل الاجتماعي على غرار "الفايسبوك" الذي فعل فعلته هذه السنة في "الباك"، وهي الطريقة التي تسمح للتلميذ أو الطالب بنيل علامات جيدة والنجاح مادام تحصل على نص الامتحان منذ الساعات الأولى من اليوم، أي قبل حتى خروجه من البيت للالتحاق بمركز الامتحان.
ليس من الضروري أن تكون مجتهدا لتنجح كن فقط غشّاشا
حسم فيما مضى النجاح في السنة الدراسية، فالمتفوقون معروفون لا محالة، وهذا للاجتهاد المتواصل والنتائج الحسنة المقدمة من قبلهم طوال السنة، وهو أمر فُصل فيه قبل الشروع في الامتحانات النهائية، لكن اليوم أصبح ينجح حتى من لم يعرف ربع ما درس في المدرسة ولا يعرف نصف الأساتذة، لتجده في آخر السنة ليس من المبشرين بالنجاح فسحب بل بمعدل جيد جدا.
وأصبح المعلم غشّاشا في هذا الزمان
شرّ البلية ما يضحك، نعم إنها بلية ابتلي بها سلك التعليم هذه السنة، معلمون ومعلمات ذوي مستويات متقدمة وخبرات في التدريس وعندما وضعوا في خانة الممتحن لم يجدوا سوى النجدة بالغش من أجل نيل منصب شغل، كانوا بالأمس يقفون فوق المنصات في المدارس يعلمون التلاميذ مكارم الأخلاق والأفعال الحسنة، لكن من أجل الحصول على هذا المنصب تنصلوا من تلك المبادئ إلا من رحم ربي، وصاروا يتوسلون بعضهم من أجل عمليات وأسئلة بسيطة لا تعد في خانة الصعبة، ساعد في هذا التكنولوجيات الحديثة للاتصال التي اتخذها الناس اليوم في كل ما هو ضار ومفسد لا غير، وتطور الغش عندنا من جمع القصاصات الورقية الصغيرة التي يخفيها الكثير من الطلبة بين الثياب، إلى هواتف ووسائل حديثة ومتطورة حولت هذه المسابقات إلى فضائح هذا الزمان.
هو الحال الذي وصل إليه التعليم في الجزائر، وصار مقرونا بالغش في كل الأطوار والمسابقات، خاصة عندما أدخلت عليه وسائل الاتصال الحديثة، ما دفع بالقائمين على هذه المسابقات بقطع الإنترنت على كل الجزائر دون استثناء من أجل قطع الطريق أمام الغشّاشين... فهل حقا هي الطريقة المثلى للحد منه؟