........تفاصيل مثيرة في محاكمة المتورطين في فضيحة البكالوريا 2016المتهمون يتمسّكون بالإنكار ولغز الجريمة يبقى عالقا:الشروق : 10-11-2016أجهزة التشويش كان بعضها مُعطلا ونوافذ مقر الديوان غير مؤمنةمُوظف يعترف: سرقتُ رزمة أسئلة لقريبتي.. وأخفيتها في ملابسيمدير الديوان: أنا بريء والمواضيع لم تسرب من الديوان.. اسألوا مديريات التربيةبقي لغز جريمة تسريب مواضيع بكالوريا دورة 2016 غامضا، فلم يكشف فتح الملف من طرف محكمة سيدي أمحمد بالعاصمة أمس، عن المتهم الرئيسي في القضية، بعدما تمسّك المتابعون الثلاثة ببراءتهم من فضيحة التسريب، ما عدا المتهم الرابع وهو موظف بديوان الامتحانات والمسابقات بالعاصمة، الذي اعترف بسرقته موضوع امتحان البكالوريا لشعبة تسيير واقتصاد عن "حسن نية "...!!بعد إدخال المتهمين الأربعة إلى قاعة المحاكمة، وهم كل من محمد الأمين، م، وهو مدير الديوان الوطني للامتحانات والمسابقات بالعاصمة، ع، عبد المالك، موظف إداري بالديوان، ي. نجيب مفتش تربوي في مادة الفيزياء من قسنطينة، وق، لخضر، وهو مفتش تربوي لمادة الفيزياء من ولاية بجاية.
غاب دفاع الطرف المدني، المتمثل في وزارة التربية الوطنية عن جلسة المحاكمة، رغم تأجيل القضية الأسبوع المنصرم بطلب منه، فيما حضر ممثل الخزينة العمومية وأكثر من 16 محاميا للمرافعة عن المتابعين، كما شهدت الجلسة حضور 8 شهود فقط من أصل 39 إطارا وموظفا في قطاع التربية. وبعدما واجهت القاضي المتابعين الأربعة بالتهم الموجهة إليهم، المتمثلة في التواطؤ واستغلال الوظيفة، انطلقت في استجواب أول المتهمين، وهو م، محمد الأمين المدير العام للديوان الوطني للامتحانات والمسابقات... حيث تركته يسترسل في الكلام...
مدير الديوان: التّهم الموجهة إليّ باطلة... أفنيتُ 34 سنة في قطاع التربية، منها 16 سنة أستاذا للتعليم الثانوي، و16 سنة مفتش تربية، وشاركت في إعداد مواضيع الامتحانات لدورتي 2015-2016... لست خائنا... التهمة الموجهة إلي كان أحرى توجيهها إلى المفسدين...
وأضاف: "... حرصتُ كل الحرص للحفاظ على الأمانة التي حمّلتها لي وزارة التربية الوطنية"... ليؤكد: "المواضيع لم تتسرب من الديوان، لأنه يستحيل خروج موضوع في ظل ظروف العمل القاسية، والعزلة عن العالم الخارجي..." وتساءل مبرك: "إذا خرجت مواضيع الأمتحان من الديوان، لماذا لم تتسرب معها الأجوبة النموذجية؟؟... وزعنا المواضيع على مختلف مديريات التربية، وهم أيضا يتحملون المسؤولية...".
القاضي: كيف تتم طريقة إعداد المواضيع وتصحيحها وطبعها وتوزيعها؟
مدير الديوان: العمال المشتغلون بمركز الطبع بالقبة أختارهم من بين 9 فروع على المستوى الوطني، فيما تعدّ وزارة التربية قائمة بأسماء مفتشي التربية المشاركين في إعداد وتنقيح جميع مواضيع امتحان البكالوريا، وأسئلة البكالوريا تطبع على مستوى مطبعة واحدة بمركز الطبع بالقبة، وهؤلاء جميعا أكدتُ عليهم منع استعمال الهواتف النقالة والحواسيب حسب القانون الداخلي للديوان لغرض تأمين المواضيع من التسريب.
القاضي: وأين توضع المواضيع بعد إعدادها والاتفاق حولها؟
مدير الديوان: نضعها فيما يسمى "بنكا" أو خزانة لدى مسؤول خلية الإعلام الآلي، والمواضيع توضع في ملف ورقي تمضي عليه لجنة المفتشين وملف إلكتروني، بعدها أسحب رفقة 3 أشخاص معينين المواضيع من خزانة الإعلام الآلي، ونختار موضوع كل مادة عن طريق القرعة، نسلمها مباشرة إلى لجنة مادة التخصص، لتدرسه وتصححه، والعملية تتم تحت إشراف نائب مدير مركز الطبع، وبعد انتهاء عمل كل لجنة وجاهزية الموضوع نُمضي على الورقة وتسلم المواضيع لمسؤول الإعلام الآلي، لينزلها إلى المطبعة، وانتهينا بإرسال المواضيع مغلفة على متن طائرة عسكرية في 26 و27 ماي 2016، بعدما كنا نعمل 17 ساعة يوميا لاحترام الآجال مع المؤسسة العسكرية.
القاضي: كيف تم ربط المواضيع ورزمها؟
المتهم: غلفناها عن طريق الآلة، ولم تكن مشمعة ووزعناها على 365 مركز إجراء، و90 بالمائة من المراكز تظل فيها المواضيع ليلة كاملة...
القاضي: حسب التحقيقات، تبيّن أنّه عند التفتيش الذي قام به المفتش العام لوزارة التربية الوطنية والأمين العام، أن بعض الأساتذة كان لديهم أجهزة إعلام آلي وهواتف نقالة و"فلاش ديسك" لتحميل مواضيع الامتحان...
المتهم: الهواتف والحواسيب لم تكن لدى الموظفين، الأجهزة كانت محجوزة... إلا المفتش قسوم لخضر طلب مني وبعد إلحاح استعمال حاسوبه الشخصي لتصحيح موضوع الفيزياء، بعد شكه في أنه معاد من إحدى دورات البكالوريا، فسمحت له بذلك، حتى أتجنب وجود أخطاء في مواضيع البكالوريا، وحتى لا أتحمل مسؤولية أي خطإ.
القاضي: مادامت توجد لجنة اختيار وتنقيح المواضيع، لماذا تعاود منح الموضوع لشخص معين ليقوم بتنقيحه؟
المتهم: المواضيع ليست دقيقة، العام المنصرم ارتكبت أخطاء في موضوع الأدب العربي، عند تبديل اسمي الشاعرين نزار قباني ومحمود درويش، وحُملت المسؤولية للديوان.
القاضي: مصالح الأمن وجدت نوافذ الديوان غير مؤمنة، حيث يمكن إخراج المواضيع عبرها، لاتساع القضبان الحديدية...
المتهم: المكان مؤمن، والنوافذ تطل على ساحة فارغة لا يدخلها أحد وفيها أعوان شرطة، وزودنا المركز بـ 25 كاميرا مراقبة وأجهزة تشويش.
القاضي: الخبرة كشفت أن أجهزة التشويش بعضها لا يعمل وأخرى لا تحجب اتصالات متعامل هاتف نقال معين... ولا يمكنها التشويش على تقنية الجيل الثالث أو نظام الويفي...
المتهم: جرّبنا الأجهزة، أثناء إعداد مواضيع الامتحانات المهنية للأساتذة في 16 أفريل وكانت تعمل...
وأكد المتهم أنه بعد تسريب مواضيع البكالوريا، حضر إلى مقر ديوان الامتحانات الأمين العام والمفتش العام لوزارة التربية، حامليْن صورا من الفايسبوك لمواضيع امتحانات مُسربة، وكانا يبحثان عن أي دليل ظهر في الصور من ستائر النوافذ ونوع بلاط الأرض وفراش الطاولة، والزربيّة... فلم يجدوا شيئا مطابقا لها بمقر الديوان، وقد فتّشنا حتى المراحيض...
لتقاطعه القاضي، مؤكدة أن وزارة التربية الوطنية قد تدخلت في عمل المحققين الأمنيين، فهي لم تعلمهم بتحريها في الموضوع...
وكيل الجمهورية: كيف تسمح لقسوم لخضر ويعيش نجيب بحيازة جهاز حاسوب و"فلاش ديسك" يحمل موضوع الفيزياء المسرب، رغم عدم قانونية الأمر... هل أبلغت وزارة التربية باتخاذك هذا القرار كتابيا؟
المتهم: رخصتُ له شفويا، ورأيت في ذلك مصلحة عامة...
بعدها سأله وكيل الجمهورية عن سبب وجود المتهم علوات عبد المالك وهو موظف بالديوان داخل المطبعة، حيث سرق موضوعا لشعبة تسيير واقتصاد أخفاه تحت ملابسه، ثم خبأه بغرفة نومه، وقد صوّرت الكاميرا ذلك. فرد مدير الديوان، بأن علوات خالف القوانين.
انتقلت القاضي بعدها إلى استجواب المتهم الثاني، وهو ي، لخضر الذي أكد استحالة حدوث تسريب من ديوان الامتحانات، ولم يسبق أن تورط أي مفتش في فضيحة مماثلة، وعن امتحان الفيزياء الذي وُجد في "فلاش ديسك" كان يحمله، رد يعيش: "ما كان في الفلاش ديسك هو مضمون الموضوع فقط، ولكن ما سُرب هو موضوع الفيزياء المطبوع..."، ليتساءل: "لماذا تم التركيز على موضوع الفيزياء، رغم وجود مواضيع كثيرة مسربة...؟؟" وأكد يعيش أن الخبرة القضائية أكدت عدم استعماله للإنترنت من حاسوبه الشخصي.
سرقتُ "رزمة" مواضيع الباك وحوليات من المطبعة دون علم زملائي...
وبحضور المتهم ع، عبد المالك، عون إداري بالديوان الوطني للامتحانات والمسابقات بسطيف، ثالث المتهمين في قضية تسريب مواضيع البكالوريا لدورة ماي 2016، الذي تم ضبطه من خلال تسجيل كاميرا المراقبة، وهو يُخفى مواضيع امتحان شعبة التسيير والاقتصاد داخل ملابسه، واعترف أمام القاضي خلال الجلسة العلنية أمس بأخذه "رُزمة" من المواضيع والحوليات السابقة للباكالوريا، من المطبعة التي عمل بها طيلة 5 سنوات، ولم ينكر ما واجهته به المحكمة من تهم، حيث أكد أنه أخفى المواضيع حتى لا يكتشف زملاؤه ذلك، لكن دون قصد تسريبها، بل كان سيمنحها لقريبته التي ستجتاز امتحان الشهادة لهذه السنة.
أدخلت القرص المضغوط لاستغلالها في تنقيح مواضيع الباك...
وخلال مثول المتهم ق، لخضر، مفتش تربوي في مادة الفيزياء، أمس أمام هيئة المحكمة، لم يتمالك نفسه من فرط البكاء، بعدما وجهت إليه القاضي تهم استغلال الوظيفة وإفشاء الأسرار، حيث أنكرها بشدة واعتبرها إجحافا في حقه بعد أن قضى سنوات من عمره في خدمة قطاع التربية، بتفان وإخلاص، دون أن يحسب عليه أي خطإ مهما كان حجمه. وأضاف المتهم خلال رده على أسئلة القاضية أمس، أن اختياره من قبل الهيئة المكلفة بذلك، هو خير دليل على اعترافها الصريح بنزاهته في أداء وظيفته، التي طالما حرص على أن تكون في مستوى الثقة التي وضعت فيه.
أما فيما يخص حجز مصالح الأمن خلال تحرياتها لجهاز إعلام آلي وقرص مضغوط داخل غرفته نومه، التي كانت تحتوى على نسخ من مواضيع امتحان الفيزياء لجميع الشعب و"برمجيات، المنهاج، كتب الفيزياء، مواضيع وحوليات بكالوريا جزائرية وأجنبية"، التي خالف بإدخالها التعليمات المفروضة، قال المتهم بشأنها "إنه تحصل على إذن لذلك من قبل الأمين العام للمركز والمدير، تحسبا لأي طارئ قد يقع خلال عملية إعداد الأسئلة، أو عطب قد يصيب أجهزة الإعلام الآلي الخاصة بالمركز أو الحامل المغناطيسي لها"، وأيضا لاستغلالها في تحسين وإدخال التعديلات على المواضيع قبل طرحها للطبع. وأضاف المتهم أن مادة الفيزياء بحد ذاتها تحتاج إلى الدقة، لتفادي الأخطاء العلمية التي قد تغفل عنها اللجنة المكلفة بمراجعة الأسئلة قبل طبعها، قد تصاحبها ضجة كبيرة على غرار ما حدث في كتب الجيل الثاني. وعاد المتهم بقوله إن الوزيرة أكدت خلال زيارتها إلى المركز على ضرورة التدقيق في إنجاز مواضيع الامتحان وتفادي الأخطاء.
.