.........
تابع
(1/200)
والياء: ضمير متصل مبني على السكون، في محل جر بالإضافة. والجار والمجرور متعلقان باسم الفاعل (اخذا) .
فضلا: مفعول لأجله- بمعنى تفضّلا- منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
وإلا: الواو: عاطفة على جملة فعل الشرط. إلّا: المؤلفة من (إن لا) مدغمتين:
إن: حرف شرط جازم، لا: حرف نفي. وفعل الشرط محذوف. أي: وإلّا يشفع لي.
فقل: الفاء: رابطة لجواب الشرط الأول. قل: فعل أمر مبني على السكون.
والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.
يا زلة: يا: أداة نداء وتحسّر. زلة: منادى مضاف منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
جملة إن لم يكن.. فقل: استئنافية، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة شرطية.
جملة لم يكن اخذا: ابتدائية، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
جملة وإلا يشفع لي: معطوفة على جملة (إن لم يكن ... ) ، لا محل لها من الإعراب.
جملة فقل: جواب الشرط الجازم الأول وما عطف عليه، وهو مقترن بالفاء، في محل جزم، وهي جملة فعلية.
جملة يا زلة القدم: المقصود لفظها، في محل نصب، مقول القول.
الصورة البيانية:
قوله (يا زلة القدم) كناية عن صفة وهي السقوط في النار.
(1/201)
148 - حاشاه أن يحرم الرّاجي مكارمه ... أو يرجع الجار منه غير محترم
المعنى:
حاشى جنابه الرفيع أن يمنع عطاءه وشفاعته عن سائله المحتاج، وأن يعود من التجأ إلى جواره غير موقّر مكرّم.
الإعراب:
حاشاه: حاشى: فعل ماض بمعنى تحاشاه أو تجاوزه أو تحاماه، مبني على الفتح المقدر على الألف، للتعذر. والهاء: ضمير متصل في محل نصب، مفعول به مقدم.
أن: حرف مصدري ناصب.
الراجي: مفعول به منصوب ل (يحرم) ، وعلامة نصبه الفتحة، وخففت الياء للوزن.
مكارمه: مفعول به ثان، منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. وهو مضاف.
والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. والمصدر المؤول من (أن) وما بعدها مرفوع، فاعل (حاشى) . ويجوز إعراب (مكارمه) مفعولا به لاسم الفاعل المعرّف بأل (الراجي) ، والتأويل: أن يحرم من يرجو مكارمه.
أو: حرف عطف للمفردات والجمل معا.
يرجع: فعل مضارع منصوب عطفا على (يحرم) ، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
منه: من: حرف جر، والهاء: ضمير متصل مبني على الضم، في محل جر ب (من) . والجار والمجرور متعلقان باسم المفعول (محترم) . والتركيب ضعيف لأنه نظير: (اختبر الطالب من قبل المدير) أي بالبناء للمجهول رغم ذكر الفاعل.
غير: حال من (الجار) ، منصوبة، وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة. وهي مضاف.
جملة حاشاه أن يحرم: استئنافية، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
(1/202)
جملة يحرم: صلة الموصول الحرفي (أن) ، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
جملة يرجع الجار: معطوفة على جملة (يحرم) ، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
149 - ومنذ ألزمت أفكاري مدائحه ... وجدته لخلاصي خير ملتزم
المعنى:
وخير دليل على كرمه أنني منذ توجه فكري إلى مديحه، كان خير منجى أو منج لي من الشدائد والمكاره.
الإعراب:
ومنذ: الواو: استئنافية. منذ: مفعول فيه ظرف زمان مبني على الضم، في محل نصب. متعلق بالفعل (وجدت) .
أفكاري: مفعول به أول، منصوب لفعل (ألزمت) ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم، لاشتغال المحل بالحركة المناسبة للياء. وهو مضاف. والياء:
ضمير متصل مبني على السكون، في محل جر بالإضافة.
مدائحه: مفعول به ثان منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. وهو مضاف. والهاء:
ضمير متصل مبني على الضم، في محل جر بالإضافة.
لخلاصي: اللام: حرف جر، خلاصي: اسم مجرور باللام، وعلامة جره الكسرة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم، لاشتغال المحل بالحركة المناسبة للياء. وهو مضاف. والياء ضمير متصل مبني على السكون، في محل جر بالإضافة.
والجار والمجرور متعلقان بحال محذوفة لاسم المكان (ملتزم) ، والأصل: ملتزم مضمون لخلاصي، ثم قدّمت الصفة فانقلبت حالا. أو متعلقان باسم الفاعل (ملتزم) على رواية الكسر.
(1/203)
خير: مفعول به ثان للفعل (وجدته) ، منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. وهو مضاف.
جملة ألزمت: في محل جر بالاضافة، وهي جملة فعلية.
جملة وجدته: استئنافية، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
150 - ولن يفوت الغنى منه يدا تربت ... إنّ الحيا ينبت الأزهار في الأكم
اللغة:
تربت: لصقت بالتراب، وهذا كناية عن الفقر. الحيا: الغيث. الأكم: اسم جنس جمعي، والواحدة أكمة: وهي الربوة، أي المرتفع من الأرض.
المعنى:
ومهما بلغت حالة سائله صلى الله عليه وسلم من الفقر والحاجة وعدم الصلاح، فلن يعدم إحسانه وفضله، وكيف لا وهو كالغيث؛ إذا نزل على الأرض عم الصالح منها وغير الصالح، وأنبت الأزهار حتى في الروابي المرتفعة التي لا ينبت فيها الزهر.
الإعراب:
ولن: الواو: حرف استئناف، لن: حرف ناصب.
الغنى: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف، للتعذر.
منه: من: حرف جر، والهاء: ضمير متصل مبني على الضم، في محل جر ب (من) ، والجار والمجرور متعلقان بحال محذوفة من (الغنى) .
يدا: مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
(1/204)
إن: حرف مشبه بالفعل.
الحيا: اسم (إن) منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف، للتعذر.
في الأكم: في: حرف جر، الأكم: اسم مجرور ب (في) ، وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
والجار والمجرور متعلقان بالفعل (ينبت) .
جملة يفوت الغنى: استئنافية، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
جملة تربت: في محل نصب، صفة ل (يدا) ، وهي جملة فعلية.
جملة إن الحيا ينبت: استئنافية، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة اسمية كبرى ذات وجهين.
جملة ينبت: في محل رفع، خبر (إن) ، وهي جملة فعلية صغرى.
الصورة البيانية:
في البيت تشبيه ضمني. فقد عبّر بكلمة (الغنى) عن البركة النبوية ثم شبّهها بالغيث لا ينزل في أرض ولو رابية لا تمسك الماء إلا أنبت فيها الزهر والعشب.
في قوله (يدا تربت) كناية. يعني أنها لا تجد ما تقبض عليه إلا التراب. وهذا كناية عن صفة هي الفقر، مع أنه في البيت فقر معنوي بدليل البيت التالي.
151 - ولم أرد زهرة الدّنيا التي اقتطفت ... يدا زهير بما أثنى على هرم
المعنى:
يقول: لا أطلب بثنائي على النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من نعيم الدنيا كالذي كان يجنيه زهير بن أبي سلمى بثنائه على هرم بن سنان، إنما غرضي الشفاعة يوم القيامة.
(1/205)
الإعراب:
ولم: الواو: استئنافية، لم: حرف جازم.
التي: اسم موصول مبني على السكون، في محل نصب صفة ل (زهرة) .
اقتطفت: فعل ماض، مبني على الفتح الظاهر. والتاء: حرف تأنيث. والعائد محذوف تقديره: اقتطفتها.
يدا: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الألف، لأنه مثنى، وحذفت نونه للإضافة.
بما: الباء: حرف جر، ما: مصدرية.
أثنى: فعل ماض، مبني على الفتح المقدر على الألف، للتعذر. والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. والمصدر المؤول من (ما) والفعل مجرور بالباء والتقدير: بثنائه. والجار والمجرور متعلقان بالفعل (اقتطفت) .
على هرم: على: حرف جر، هرم: اسم مجرور ب (على) ، وعلامة جره الكسرة الظاهرة. والجار والمجرور متعلقان بالفعل (أثنى) .
جملة لم أرد: استئنافية، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
جملة اقتطفت يدا زهير: صلة الموصول الاسمي، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
جملة أثنى: صلة الموصول الحرفي (ما) ، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
الصورة البيانية:
في قوله (زهرة الدنيا) تشبيه. شبه الدنيا بالزهرة ثم أضاف المشبه به إلى المشبه فالتشبيه بليغ. هذا هو الشائع، والأحسن أنه شبّه مباهج الحياة الدنيا فقط بالزهر فالكلام استعارة تصريحية، وذكر (القطف) ترشيح للاستعارة وتقوية.
(1/206)
152 - يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
اللغة:
العمم: العامّ.
المعنى:
يا رسول الله، ليس لي يوم القيامة من ألجأ إليه إذا نزل بالناس الخطب العميم فشملهم بهوله العظيم إلا أنت، وكيف لا وأنت أعظم المرسلين جاها عند الله.
الإعراب:
يا أكرم: يا: أداة نداء. أكرم: منادى مضاف، منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
الخلق: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
مالي: ما: أداة نفي، ولا تعمل هنا عمل (ليس) لعدم توافر الشروط الأربعة. لي:
اللام: حرف جر، والياء: ضمير متصل مبني على السكون، في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف.
من: نكرة موصوفة بمعنى أحد، مبنية على السكون، في محل رفع مبتدأ مؤخر.
به: الباء: حرف جر، والهاء: ضمير متصل مبني على الكسر، في محل جر بالباء. والجار والمجرور متعلقان بالفعل (ألوذ) .
سواك: بدل من (من) أو صفة ثانية لها، مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف، للتعذر. والكاف: ضمير متصل مبني، في محل جر بالإضافة. ويجوز نصب (سوى) على الاستثناء لأن المستثنى منه مذكور وهو (من) .
عند: مفعول فيه ظرف زمان، منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. متعلق بالفعل (ألوذ) ، وهو مضاف.
(1/207)
العمم: صفة ل (الحادث) ، مجرورة، وعلامة جرها الكسرة الظاهرة.
جملة مالي من: استئنافية، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة اسمية.
جملة ألوذ: في محل رفع، صفة أولى ل (من) ، وهي جملة فعلية.
153 - ولن يضيق رسول الله جاهك بي ... إذا الكريم تحلّى باسم منتقم
المعنى:
ولن يكون مثلي يا رسول الله عبئا عليك، فإنّ قدرك ومنزلتك العظيمة تسعني وتسع كل عاص لتشفع لهم، إذا اشتد الخطب على العباد يوم القيامة وانتقم الله تعالى ممن عصاه.
الإعراب:
ولن: الواو: حرف عطف على جملة (مالي من ألوذ به) في البيت السابق. لن:
حرف ناصب.
رسول: منادى مضاف بأداة نداء محذوفة، منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
الله: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
جاهك: فاعل مرفوع ل (يضيق) ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. وهو مضاف.
والكاف: ضمير متصل مبني على الفتح، في محل جر بالإضافة.
بي: الباء: حرف جر بمعنى (عن) ، والياء: ضمير متصل مبني على السكون، في محل جر بالباء. والجار والمجرور متعلقان بالفعل (يضيق) .
إذا: ظرف زمان مبني على السكون، في محل نصب، متعلق بالفعل (يضيق) .
ولم نقل بشرطية (إذا) هنا لأن الله تحلى منذ القدم باسم المنتقم. أما على رواية تجلى- بالجيم- فالشرطية مقبولة.
(1/208)
الكريم: فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده، مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
تحلى: فعل ماض، مبني على الفتح المقدر على الألف، للتعذر. والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو أي الكريم.
باسم: الباء: حرف جر، اسم: اسم مجرور بالباء، وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
والجار والمجرور متعلقان بالفعل (تحلى) . وهو مضاف.
جملة لن يضيق جاهك: معطوفة على جملة (ما لي من ألوذ به) ، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
جملة (تحلى) الكريم: في محل جر، بالإضافة بعد (إذا) ، وهي جملة فعلية.
جملة تحلى: تفسيرية لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
الصورة البيانية:
شبّه الجاه (الذي هو القدر والمنزلة) بالمكان الرحيب جدا، ثم حذف المشبّه به وكنّى عنه بالضيق، فالاستعارة مكنية.
154 - فإنّ من جودك الدّنيا وضرّتها ... ومن علومك علم اللّوح والقلم «1»
اللغة:
ضرة الحياة الدنيا على التشبيه هي الحياة الاخرة.
المعنى:
وكيف يضيق جاهك بي وأنت ذو جاه عظيم عند الله، وخير الدنيا والاخرة رهن جودك بالشفاعة، وعلما اللوح والقلم بعض علمك.
__________
(1) تنبيه: في الصفحة 220 تعليق على جواز مضمون هذا البيت وأمثاله، أو عدم جوازه فارجع إليه.
(1/209)
الإعراب:
فإن: الفاء: استئنافية تعليلية لما سبق، إن: حرف مشبه بالفعل.
من جودك: من: حرف جر، جودك: اسم مجرور ب (من) ، وعلامة جره الكسرة الظاهرة. وهو مضاف. والكاف: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة.
والجار والمجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف ل (إنّ) .
الدنيا: اسم (إنّ) مؤخر منصوب بفتحة مقدرة، وهو على تقدير مضاف محذوف قبله. والتقدير: فإن هداية الدنيا وشفاعة الاخرة من جودك.
وضرتها: الواو: حرف عطف، ضرتها: اسم معطوف على (الدنيا) منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. وها: ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.
ومن علومك: الواو: حرف عطف، من: حرف جر، علومك: اسم مجرور ب (من) ، وعلامة جره الكسرة الظاهرة. وهو مضاف. والكاف: ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. والجار والمجرور معطوفان على (من جودك) .
علم: اسم معطوف بالنصب على (الدنيا) ، من عطف الاسم على الاسم والخبر على الخبر. ويحتمل أن يقرأ مرفوعا على الابتداء، تقدم خبره قبله، فتكون الواو عندئذ قبل (من علومك) عاطفة على جمل.
جملة إن من جودك الدنيا: استئنافية لا محل لها من الإعراب، وهي جملة اسمية.
وعلى قراءة رفع (علم) يكون العجز جملة معطوفة على الصدر.
الصورة البيانية:
شبه الدنيا والاخرة بالضرتين ثم حذف لفظ المشبه الثاني أي (الاخرة) وصرح بالمشبه به (الضرة) فالاستعارة تصريحية.
(1/210)
155 - يا نفس لا تقنطي من زلّة عظمت ... إنّ الكبائر في الغفران كاللّمم
اللغة:
لا تقنطي: لا تيئسي. زلة: ذنب. الكبائر: الذنوب العظام. اللمم: صغار الذنوب.
المعنى:
لما رأى الناظم من نفسه شدة الخوف، أقبل عليها يؤنسها برحمة الله بقوله: لا يحملنك الخوف من عذاب الله بسبب ما جنيته من الذنوب على اليأس من رحمته وغفرانه، فما الذنوب الكبار إلى جانب غفرانه إلا كصغار الذنوب والله أعلم.
الإعراب:
يا نفس: يا: أداة نداء. نفس: منادى نكرة مقصودة، مبني على الضم، في محل نصب.
لا تقنطي: لا: ناهية جازمة. تقنطي: فعل مضارع مجزوم ب (لا) ، وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. والياء: ضمير متصل مبني على السكون، في محل رفع فاعل.
من زلة: من: حرف جر، زلة: اسم مجرور ب (من) ، وعلامة جره الكسرة الظاهرة. والجار والمجرور متعلقان بالفعل (تقنطي) . ومعنى (من) هنا أحد اثنين: إما السببية فالعبارة تامة، وإما الابتداء فيكون أصل العبارة عندئذ: لا تقنطي من غفران زلة.. والذي سوّغ ذلك ذكر الغفران في العجز.
إن: حرف مشبه بالفعل.
في الغفران: في: حرف جر، والغفران: اسم مجرور ب (في) ، وعلامة جره الكسرة
(1/211)
الظاهرة. والجار والمجرور متعلقان بما في الكاف في (كاللمم) من معنى المشابهة.
كاللمم: الكاف: حرف جر. اللمم: اسم مجرور بالكاف، وعلامة جره الكسرة الظاهرة. والجار والمجرور متعلقان بخبر (إنّ) المحذوف.
جملة لا تقنطي: استئنافية، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
جملة عظمت: في محل جر صفة ل (زلة) وهي جملة فعلية.
جملة إن الكبائر كاللمم: استئنافية بيانية أي واقعة في جواب سؤال مقدّر، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة اسمية.
156 - لعلّ رحمة ربّي حين يقسمها ... تأتي على حسب العصيان في القسم
المعنى:
وإني لأرجو أن تكون رحمة الله واسعة على قدر عصيان العباد.
الإعراب:
لعل: حرف مشبه بالفعل.
رحمة: اسمها منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. وهو مضاف.
حين: مفعول فيه ظرف زمان، منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. متعلق بالفعل (تأتي) .
تأتي: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء، للثقل، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هي.
على حسب: على: حرف جر، حسب: اسم مجرور ب (على) ، وعلامة جره الكسرة
(1/212)
الظاهرة وهو مضاف. والجار والمجرور متعلقان بحال محذوفة من فاعل (تأتي) والتقدير: مقدّرة على قدر الذنوب.
العصيان: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
في القسم: في: حرف جر، القسم: اسم مجرور ب (في) ، وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
والجار والمجرور متعلقان بالفعل (تأتي) .
جملة لعل رحمة ... تأتي: استئنافية، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة اسمية كبرى ذات وجهين.
جملة يقسمها: في محل جر بالإضافة، وهي جملة فعلية.
جملة تأتي: في محل رفع، خبر (لعل) ، وهي جملة فعلية صغرى.
157 - يا ربّ واجعل رجائي غير منعكس ... لديك، واجعل حسابي غير منخرم
اللغة:
حسابي هنا: ظني، والصواب حسباني. منخرم: منقطع.
المعنى:
اللهم حقق ما أملته فيك من المغفرة والعفو ولا تجعله خائبا، واجعل ما رجوته من الجميل والإحسان غير ناقص أو مقطوع.
روى الشيخان عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه: «أنا عند ظن عبدي بي» [حديث قدسي في البخاري: كتاب التوحيد، الباب 15، وفي مسلم: كتاب الذكر، الباب 1 و 6] .
(1/213)
الإعراب:
يا رب: يا: أداة نداء. رب: منادى مضاف إلى ياء المتكلم المحذوفة تخفيفا، منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة لاشتغال المحل بالحركة المناسبة للياء. وكسر الباء دليل على حذف الياء، وحذفها مطّرد في المصحف في حالة النداء فقط.
واجعل: الواو: حرف عطف للجمل. اجعل: فعل أمر مبني على السكون الظاهر.
والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. والواو عاطفة على جملة مقدرة قبلها والتقدير: يا رب استجب واجعل رجائي..
رجائي: مفعول به أول منصوب، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم لاشتغال المحل بالحركة المناسبة للياء. والياء: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة.
غير: مفعول به ثان ل (اجعل) ، منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. وهو مضاف.
لديك: مفعول فيه ظرف مكان مبني على السكون في محل نصب، وهو مضاف.
والكاف: ضمير متصل مبني على الفتح، في محل جر بالإضافة. متعلق باسم الفاعل (منعكس) . انظر حاشيتنا على البيت (40) .
جملة (استجب) المحذوفة: استئنافية، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
جملة واجعل: معطوفة على جملة (استجب) ، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
جملة واجعل الثانية: معطوفة على جملة (استجب) لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
الصورة البيانية:
في قوله (منخرم) استعارة. شبه خيبة الأمل بالخرم، ثم اشتق من هذا المصدر كلمة منخرم، فالاستعارة تصريحية تبعية.
(1/214)
158 - والطف بعبدك في الدّارين إنّ له ... صبرا، متى تدعه الأهوال ينهزم
المعنى:
وأكرمني يا رب بلطفك وإحسانك في دنياي واخرتي، فصبري ضعيف متى واجهته الشدائد ولّى وانهزم.
الإعراب:
والطف: الواو: حرف عطف هنا للجمل. الطف: فعل أمر مبني على السكون الظاهر. والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.
بعبدك: الباء: حرف جر، عبدك، اسم مجرور بالباء، وعلامة جره الكسرة الظاهرة. وهو مضاف. والكاف: ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. والجار والمجرور متعلقان بالفعل (الطف) .
في الدارين: في: حرف جر، الدارين: اسم مجرور ب (في) ، وعلامة جره الياء لأنه مثنى.
والجار والمجرور متعلقان بالفعل (الطف) .
إنّ: حرف مشبه بالفعل.
له: اللام: حرف جر، والهاء: ضمير متصل مبني على الضم، في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلقان. بخبر مقدم محذوف ل (إنّ) .
صبرا: اسم (إنّ) مؤخر، منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
متى: اسم شرط جازم لفعلين، مبني على السكون، في محل نصب على الظرفية الزمانية، متعلق بفعل الشرط (تدعه) .
(1/215)
تدعه: فعل مضارع مجزوم، لأنه فعل الشرط، وعلامة جزمه حذف حرف العلة.
والهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.
الأهوال: فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
ينهزم: فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط، وعلامة جزمه السكون، وحرّك بالكسر للقافية. والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى (الصبر) .
جملة الطف: معطوفة على جملة (استجب) المقدّرة، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
جملة إن له صبرا: استئنافية بيانية لأنها جواب سؤال مقدّر، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة اسمية.
جملة متى تدعه الأهوال ينهزم: في محل نصب صفة ل (صبرا) ، وهي جملة شرطية كبرى.
جملة تدعه الأهوال: استئنافية واقعة في ابتداء جملة شرطية كبرى، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
جملة ينهزم: جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية صغرى.
الصورة البيانية:
في قوله (في الدارين) استعارة. شبه الدنيا والاخرة بدارين للإنسان لأنهما ليستا دارين إلا بقرينة كالإضافة مثلا، فالاستعارة تصريحية أصلية.
في قوله (تدعه) استعارة. شبه الأهوال بفارس يطلب المبارزة. بجامع الشدة في كلا الموقفين. ثم حذف المشبه به وكنّى عنه بشيء من لوازمه وهو (تدعه) فالاستعارة مكنية.
في قوله (ينهزم) استعارة. شبه صبره بالجبان بجامع التخلي وقت الشدة، ثم حذف الجبان وكنّى عنه بلازمه وهو الانهزام، فالاستعارة مكنية.
(1/216)
159 - وأذن لسحب صلاة منك دائمة ... على النّبيّ بمنهلّ ومنسجم
اللغة:
السحب: جمع سحاب وهو الغيم. بمنهلّ: أي بغيث منهلّ. منسجم: منصبّ.
المعنى:
جد يا رب على نبيك المصطفى بصلوات دائمة تنهلّ عليه صباح مساء.
الإعراب:
وأذن: الواو: حرف عطف هنا للجمل، ائذن: فعل أمر مبني على السكون الظاهر والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.
لسحب: اللام: حرف جر، سحب: اسم مجرور باللام، وعلامة جره الكسرة الظاهرة. وهو مضاف. والجار والمجرور متعلقان بالفعل (ائذن) .
منك: من: حرف جر، والكاف: ضمير متصل مبني على الفتح، في محل جر ب (من) . والجار والمجرور متعلقان بصفة محذوفة ل (صلاة) .
دائمة: صفة ثانية ل (صلاة) مجرورة، وعلامة جرها الكسرة الظاهرة.
على النبي: على: حرف جر، النبي: اسم مجرور ب (على) ، وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
والجار والمجرور متعلقان باسم المصدر (صلاة) . لأننا نقول: صلى الله على النبي.
بمنهل: الباء: حرف جر، منهل: اسم مجرور بالباء، وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
والجار والمجرور متعلقان بصفة محذوفة ل (سحب) . والتقدير: سحب مقرونة بغيث منهلّ.
ومنسجم: الواو: حرف عطف، منسجم: اسم معطوف على (منهل) ، مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
(1/217)
جملة ائذن: معطوفة على جملة (استجب) المقدرة في البيت (157) ، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
الصورة البيانية:
في قوله (لسحب صلاة) تشبيه. شبه الصلاة بالسحب، ووجه الشبه كون كل منهما رحمة. والتشبيه بليغ من إضافة المشبه به إلى المشبه. وقوله (بمنهلّ ومنسجم) ترشيح للسحب وتقوية للتشبيه.
ويجوز القول: انطلاقا من (اللهم صلّ وسلّم وبارك) شبّه الشاعر (بركات) الصلاة الدائمة من الله على النبي ب (السّحب) تنهلّ غيثا، بجامع النفع في كلّ، ثم حذف المشبّه (بركات) وكنى عنه بذكر: الصلاة الدائمة على النبي من الله (أي منك) فالاستعارة تصريحية. وقولنا: تنهلّ غيثا من (بمنهلّ ومنسجم) ترشيح للاستعارة وتأكيد للمشبّه به.
160 - مارنّحت عذبات البان ريح صبا ... وأطرب العيس حادي العيس بالنّغم
اللغة:
رنّحت: أمالت. عذبات: أطراف الأغصان. البان: ضرب من الشجر اللين. الصّبا:
ريح منعشة تهب من الشرق. العيس: الإبل. حادي العيس: الذي يشدو ليحثّها على السير.
المعنى:
وأدم يا ربّ على نبيك صلاتك وسلامك ما دامت ريح الصبا تميل أفنان شجر البان، وما دامت الإبل تسمع الحداء فتطرب.
(1/218)
الإعراب:
ما: مصدرية ظرفية.
رنّحت: فعل ماض مبني على الفتح الظاهر. والتاء: حرف تأنيث، والمصدر المؤول من (ما) والفعل منصوب على الظرفية الزمانية متعلق ب (ائذن) والتقدير: مدة ترنّح.
عذبات: مفعول به مقدم، منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم. وهو مضاف.
ريح: فاعل (رنّحت) مؤخر، مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. وهو مضاف.
صبا: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف المحذوفة نطقا المثبتة كتابة، لالتقاء الساكنين.
حادي: فاعل مرفوع ل (أطرب) وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء، للثقل. وهو مضاف.
بالنغم: الباء: حرف جر، النغم: اسم مجرور بالباء، وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
والجار والمجرور متعلقان بالفعل (أطرب) .
جملة رنحت ريح: صلة الموصول الحرفي (ما) ، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
جملة أطرب حادي العيس: معطوفة على جملة (رنّحت) ، لا محل لها من الإعراب، وهي جملة فعلية.
هذه هي بردة البوصيري (160) بيتا. ولكن بعض المراجع أوردت بيتين أخيرين هما:
ثم الرضا عن أبي بكر وعن عمر ... وعن عليّ وعن عثمان ذي الكرم
والال والصحب ثم التابعين فهم ... أهل التقى والنّقا والحلم والكرم
والحمد لله رب العالمين
(1/219)
تنبيه
يعترض بعض الأفاضل على مضمون بعض أبيات البردة [ذات الأرقام 46 و 80 و 81 و 152 و 154] وغيرها ... ويقبلها أفاضل اخرون على أنها من التوسل الجائز:
كالتوسل الجائز بالصدقة الجارية، وبعلم ينتفع به، وبالولد الصالح، بل بدعاء الصالحين عموما بعضهم لبعض ...
وكتوسل المريض بالصدقة، والمولود له بالعقيقة، وباني الدار بالوكيرة ...
وكارتياد المواضع المباركة للدعاء فيها، كالمساجد عموما، والثلاثة خصوصا، والله هو القائل لنوح عليه السّلام: وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً [المؤمنون 23/ 29] .
وكترقب المضطر لأيام مباركة وساعات حميدة، تيمنا وتوسلا بها لاستجابة الخالق ...
كل هذا صحيح مع أن المتوسّل به فيها جميعا هو المال والعلم والإطعام والمواضع والأزمان، وكلها من متاع الحياة الدنيا، مباركة كانت أو غير مباركة، وبكل ذلك توسّل المؤمنون.
إذن ... أفلا يكون التوسل بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أولى منها جميعا؟؟
نعم أولى ... ولكن كان على البوصيري في ألفاظه أن يتخيّر ما هو أولى للمعنى، لا للوزن أو غلبة العاطفة.
(1/220)
هذا، مع إقرارنا التام أن الفاعل الحقيقي هو الله تعالى، وأنه هو المعطي والمانع، والنافع والضار، وأنه هو القائل في سورة النساء 4/ 112 وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ
[وبعض الغيب جزء من هذا العلم] ، وأنه عزّ وجلّ كرّمه ومنحه ما لم يمنح غيره من الأنبياء، ولا سيّما الشفاعة.
قلت: ... مع إقرارنا التام بكل ذلك ... نقرّ أن الدعاء الذي لا يجوز إلى غير الخالق يختلف تماما عن التوسل، وأنّ على المسلم الفطن أن يميّز ما في الأبيات من دعاء ومن توسل.
نقول (توسّل) ولا نقول (توسّط) لأن (الوسيلة) والتوسّل: سبب وتسبّب، وليست (وسيطا) بين العبد وربه ليضمن له ما يريد! وهيهات هيهات ذاك الضمان.
عفا الله عنّا وعمّن خانته الأحرف أحيانا، والقلب سليم إن شاء الله.
[المراجع]
(1/221)
(البردة) 1-
أمن تذكّر جيران بذي سلم ... مزجت دمعا جرى من مقلة بدم
2 - أم هبّت الرّيح من تلقاء كاظمة ... وأومض البرق في الظّلماء من إضم
3 - فما لعينيك إن قلت اكففا همتا ... وما لقلبك إن قلت استفق يهم
4 - أيحسب الصّبّ أنّ الحبّ منكتم ... ما بين منسجم منه ومضطّرم
5 - لولا الهوى لم ترق دمعا على طلل ... ولا أرقت لذكر البان والعلم
6 - فكيف تنكر حبّا بعد ما شهدت ... به عليك عدول الدّمع والسّقم
7 - وأثبت الوجد خطّي عبرة وضنى ... مثل البهار على خدّيك والعنم
8 - نعم سرى طيف من أهوى فأرّقني ... والحبّ يعترض الّلذّات بالألم
(1/222)
9 - يالائمي في الهويا لعذريّ معذرة ... منّي إليك ولو أنصفت لم تلم
10 - عدتك حالي لا سرّي بمستتر ... عن الوشاة، ولا دائي بمنحسم
11 - محضتني النّصح لكن لست أسمعه ... إنّ المحبّ عن العذّال في صمم
12 - إنّي اتّهمت نصيح الشّيب في عذل ... والشّيب أبعد في نصح عن التّهم
13 - فإنّ أمّارتي بالسّوء ما اتّعظت ... من جهلها بنذير الشّيب والهرم
14 - ولا أعدّت من الفعل الجميل قرى ... ضيف ألمّ برأسي غير محتشم
15 - لو كنت أعلم أنّي ما أوقّره ... كتمت سرّا بدا لي منه بالكتم
16 - من لي بردّ جماح من غوايتها ... كما يردّ جماح الخيل باللّجم
17 - فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتها ... إنّ الطّعام يقوّي شهوة النهّم
(1/223)
18 - والنّفس كالطّفل إن تهمله شبّ على ... حبّ الرّضاع، وإن تفطمه ينفطم
19 - فاصرف هواها وحاذر أن تولّيه ... إنّ الهوى ما تولّى يصم أو يصم
20 - وراعها وهي في الأعمال سائمة ... وإن هي استحلت المرعى فلا تسم
21 - كم حسّنت لذّة للمرء قاتلة ... من حيث لم يدر أنّ السّمّ في الدّسم
22 - واخش الدّسائس من جوع ومن شبع ... فربّ مخمصة شرّ من التّخم
23 - واستفرغ الدّمع من عين قد امتلأت ... من المحارم والزم حمية النّدم
24 - وخالف النّفس والشّيطان واعصهما ... وإن هما محضاك النّصح فاتّهم
25 - ولا تطع منهما خصما ولا حكما ... فأنت تعرف كيد الخصم والحكم
26 - أستغفر الله من قول بلا عمل ... لقد نسبت به نسلا لذي عقم
(1/224)
27 - أمرتك الخير لكن ما ائتمرت به ... وما استقمت، فما قولي لك استقم؟
28 - ولا تزوّدت قبل الموت نافلة ... ولم أصلّ سوى فرض ولم أصم
29 - ظلمات سنّة من أحيا الظّلام إلى ... أن اشتكت قدماه الضّرّ من ورم
30 - وشدّ من سغب أحشاءه وطوى ... تحت الحجارة كشحا مترف الادم
31 - وراودته الجبال الشّمّ من ذهب ... عن نفسه فأراها أيّما شمم
32 - وأكّدت زهده فيها ضرورته ... إنّ الضّرورة لا تعدو على العصم
33 - وكيف تدعو إلى الدّنيا ضرورة من ... لولاه لم تخرج الدّنيا من العدم
34 - محمّد سيّد الكونين والثّقلي ... ن والفريقين من عرب ومن عجم
35 - نبيّنا الامر النّاهي فلا أحد ... أبرّ في قول لا منه ولا نعم
(1/225)
36 - هو الحبيب الّذي ترجى شفاعته ... لكلّ هول من الأهوال مقتحم
37 - دعا إلى الله فالمستمسكون به ... مستمسكون بحبل غير منفصم
38 - فاق النّبيّين في خلق وفي خلق ... ولم يدانوه في علم ولا كرم
39 - وكلّهم من رسول الله ملتمس ... غرفا من البحر أو رشفا من الدّيم
40 - وواقفون لديه عند حدّهم ... من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
41 - فهو الّذي تمّ معناه وصورته ... ثمّ اصطفاه حبيبا بارئ النّسم
42 - منزّه عن شريك في محاسنه ... فجوهر الحسن فيه غير منقسم
43 - دع ما ادّعته النّصارى في نبيّهم ... واحكم بما شئت مدحا فيه واحتكم
44 - وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف ... وانسب إلى قدره ما شئت من عظم
(1/226)
45 - فإنّ فضل رسول الله ليس له ... حدّ فيعرب عنه ناطق بفم
46 - لو ناسبت قدره آياته عظاما ... أحيا اسمه حين يدعى دارس الرّمم
47 - لم يمتحنّا بما تعيا العقول به ... حرصا علينا، فلم نرتب ولم نهم
48 - أعيا الورى فهم معناه فليس يرى ... في القرب والبعد فيه غير منفحم
49 - كالشّمس تظهر للعينين من بعد ... صغيرة، وتكلّ الطّرف من أمم
50 - وكيف يدرك في الدّنيا حقيقته ... قوم نيام تسلّوا عنه بالحلم
51 - فمبلغ العلم فيه أنّه بشر ... وأنّه خير خلق الله كلّهم
52 - وكلّ اي أتى الرّسل الكرام بها ... فإنّما اتّصلت من نوره بهم
53 - فإنّه شمس فضل هم كواكبها ... يظهرن أنوارها للنّاس في الظّلم
(1/227)
54 - أكرم بخلق نبيّ زانه خلق ... بالحسن مشتمل بالبشر متّسم
55 - كالزّهر في ترف والبدر في شرف ... والبحر في كرم والدّهر في همم
56 - كأنّه وهو فرد من جلالته ... في عسكر حين تلقاه وفي حشم
57 - كأنّما الّلؤلؤ المكنون في صدف ... من معدني منطق منه ومبتسم
58 - لا طيب يعدل تربا ضمّ أعظمه ... طوبى لمنتشق منه وملتثم
59 - أبان مولده عن طيب عنصره ... يا طيب مبتدأ منه ومختتم
60 - يوم تفرّس فيه الفرس أنّهم ... قد أنذروا بحلول البؤس والنّقم
61 - وبات إيوان كسرى وهو منصدع ... كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
62 - والنّار خامدة الأنفاس من أسف ... عليه والنّهر ساهي العين من سدم
(1/228)
63 - وساء ساوة أن غاضت بحيرتها ... وردّ واردها بالغيظ حين ظمي
64 - كأنّ بالنّار ما بالماء من بلل ... حزنا، وبالماء ما بالنّار من ضرم
65 - والجنّ تهتف والأنوار ساطعة ... والحقّ يظهر من معنى ومن كلم
66 - عموا وصمّوا، فإعلان البشائر لم ... يسمع، وبارقة الإنذار لم تشم
67 - من بعد ما أخبر الأقوام كاهنهم ... بأنّ دينهم المعوجّ لم يقم
68 - وبعد ما عاينوا في الأفق من شهب ... منقضّة وفق ما في الأرض من صنم
69 - حتّى غدا عن طريق الوحي منهزم ... من الشّياطين يقفو إثر منهزم
70 - كأنّهم هربا أبطال أبرهة ... أو عسكر بالحصى من راحتيه رمي
71 - نبذا به بعد تسبيح ببطنهما ... نبذ المسبّح من أحشاء ملتقم
(1/229)
72 - جاءت لدعوته الأشجار ساجدة ... تمشي إليه على ساق بلا قدم
73 - كأنّما سطرت سطرا لما كتبت ... فروعها من بديع الخطّ باللّقم
74 - مثل الغمامة أنّى سار سائرة ... تقيه حرّ وطيس للهجير حمي
75 - أقسمت بالقمر المنشقّ إنّ له ... من قلبه نسبة مبرورة القسم
76 - وما حوى الغار من خير ومن كرم ... وكلّ طرف من الكفّار عنه عمي
77 - فالصّدق في الغار والصّدّيق لم يرما ... وهم يقولون: ما بالغار من أرم
78 - ظنّوا الحمام وظنّوا العنكبوت على ... خير البريّة لم تنسج ولم تحم
79 - وقاية الله أغنت عن مضاعفة ... من الدّروع وعن عال من الأطم
80 - ما سامني الدّهر ضيما واستجرت به ... إلّا ونلت جوارا منه لم يضم
(1/230)
81 - ولا التمست غنى الدّارين من يده ... إلا استلمت النّدى من خير مستلم
82 - لا تنكر الوحي من رؤياه إنّ له ... قلبا إذا نامت العينان لم ينم
83 - وذاك حين بلوغ من نبوّته ... فليس ينكر فيه حال محتلم
84 - تبارك الله ما وحي بمكتسب ... ولا نبيّ على غيب بمتّهم
85 - كم أبرأت وصبا باللّمس راحته ... وأطلقت أربا من ربقة اللّمم
86 - وأحيت السّنة الشّهباء دعوته ... حتّى حكت غرّة في الأعصر الدّهم
87 - بعارض جاد أو خلت البطاح بها ... سيب من اليمّ أو سيل من العرم
88 - دعني ووصفي ايات له ظهرت ... ظهور نار القرى ليلا على علم
89 - فالدّرّ يزداد حسنا وهو منتظم ... وليس ينقص قدرا غير منتظم
(1/231)
90 - فما تطاول امال المديح إلى ... ما فيه من كرم الأخلاق والشّيم
91 - ايات حقّ من الرّحمن محدثة ... قديمة صفة الموصوف بالقدم
92 - لم تقترن بزمان وهي تخبرنا ... عن المعاد وعن عاد وعن إرم
93 - دامت لدينا ففاقت كلّ معجزة ... من النّبيّين إذ جاءت ولم تدم
94 - محكّمات فما يبقين من شبه ... لذي شقاق وما يبغين من حكم
95 - ما حوربت قطّ إلا عاد من حرب ... أعدى الأعادي إليها ملقي السّلم
96 - ردّت بلاغتها دعوى معارضها ... ردّ الغيور يد الجاني عن الحرم
97 - لها معان كموج البحر في مدد ... وفوق جوهره في الحسن والقيم
98 - فما تعدّ ولا تحصى عجائبها ... ولا تسام على الإكثار بالسّأم
(1/232)
99 - قرّت بها عين قاريها فقلت له ... لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم
100 - إن تتلها خيفة من حرّ نار لظى ... أطفأت حرّ لظى من وردها الشّبم
101 - كأنّها الحوض تبيضّ الوجوه به ... من العصاة وقد جاؤوه كالحمم
102 - وكالصّراط وكالميزان معدلة ... فالقسط من غيرها من النّاس لم يقم
103 - لا تعجبن لحسود راح ينكرها ... تجاهلا، وهو عين الحاذق الفهم
104 - قد تنكر العين ضوء الشّمس من رمد ... وينكر الفم طعم الماء من سقم
105 - يا خير من يمّم العافون ساحته ... سعيا وفوق متون الأينق الرّسم
106 - ومن هو الاية الكبرى لمعتبر ... ومن هو النّعمة العظمى لمغتنم
107 - سريت من حرم ليلا إلى حرم ... كما سرى البدر في داج من الظّلم
(1/233)
108 - وبتّ ترقى إلى أن نلت منزلة ... من قاب قوسين لم تدرك ولم ترم
109 - وقدّمتك جميع الأنبياء بها ... والرّسل تقديم مخدوم على خدم
110 - وأنت تخترق السّبع الطّباق بهم ... في موكب كنت فيه صاحب العلم
111 - حتّى إذا لم تدع شأوا لمستبق ... من الدّنوّ ولا مرقى لمستنم
112 - خفضت كلّ مقام بالإضافة إذ ... نوديت بالرّفع مثل المفرد العلم
113 - كيما تفوز بوصل أيّ مستتر ... عن العيون وسرّ أيّ مكتتم
114 - فحزت كلّ فخار غير مشترك ... وجزت كلّ مقام غير مزدحم
115 - وجلّ مقدار ما ولّيت من رتب ... وعزّ مقدار ما أوليت من نعم
116 - بشرى لنا معشر الإسلام إنّ لنا ... من العناية ركنا غير منهدم
(1/234)
117 - لمّا دعا الله داعينا لطاعته ... بأكرم الرّسل كنّا أكرم الأمم
118 - راعت قلوب العدا أنباء بعثته ... كنبأة أجفلت غفلا من الغنم
119 - ما زال يلقاهم في كلّ معترك ... حتّى حكوا بالقنا لحما على وضم
120 - ودّوا الفرار فكادوا يغبطون به ... أشلاء شالت مع العقبان والرّخم
121 - تمضي اللّيالي ولا يدرون عدّتها ... ما لم تكن من ليالي الأشهر الحرم
122 - كأنّما الدّين ضيف حلّ ساحتهم ... بكلّ قرم إلى لحم العدا قرم
123 - يجرّ بحر خميس فوق سابحة ... يرمي بموج من الأبطال ملتطم
124 - من كلّ منتدب لله محتسب ... يسطو بمستأصل للكفر مصطلم
125 - حتّى غدت ملّة الإسلام وهي بهم ... من بعد غربتها موصولة الرّحم
(1/235)
126 - مكفولة أبدا منهم بخير أب ... وخير بعل، فلم تيتم ولم تئم
127 - هم الجبال فسل عنهم مصادمهم ... ماذا رأى منهم في كلّ مصطدم
128 - وسل حنينا وسل بدرا وسل أحدا ... فصول حتف لهم أدهى من الوخم
129 - المصدري البيض حمرا بعد ما وردت ... من العدا كلّ مسودّ من اللّمم
130 - والكاتبين بسمر الخطّ ما تركت ... أقلامهم حرف جسم غير منعجم
131 - شاكي السّلاح، لهم سيما تميّزهم ... والورد يمتاز بالسّيما عن السّلم
132 - تهدي إليك رياح النّصر نشرهم ... فتحسب الزّهر في الأكمام كلّ كمي
133 - كأنّهم في ظهور الخيل نبت ربا ... من شدّة الحزم لا من شدّة الحزم
134 - طارت قلوب العدا من بأسهم فرقا ... فما تفرّق بين البهم والبهم
(1/236)
135 - ومن تكن برسول الله نصرته ... إن تلقه الأسد في اجامها تجم
136 - ولن ترى من وليّ غير منتصر ... به ولا من عدوّ غير منقصم
137 - أحلّ أمته في حرز ملّته ... كاللّيث حلّ مع الأشبال في أجم
138 - كم جدّلت كلمات الله من جدل ... فيه، وكم خصم البرهان من خصم
139 - كفاك بالعلم في الأمّيّ معجزة ... في الجاهليّة والتّأديب في اليتم
140 - خدمته بمديح أستقيل به ... ذنوب عمر مضى في الشّعر والخدم
141 - إذ قلّداني ما تخشى عواقبه ... كأنّني بهما هدي من النّعم
142 - أطعت غيّ الصّبا في الحالتين وما ... حصلت إلّا على الاثام والنّدم
143 - فيا خسارة نفس في تجارتها ... لم تشتر الدّين بالدّنيا ولم تسم
(1/237)
144 - ومن يبع اجلا منه بعاجله ... يبن له الغبن في بيع وفي سلم
145 - إن ات ذنبا فما عهدي بمنتقض ... من النبيّ ولا حبلي بمنصرم
146 - فإنّ لي ذمّة منه بتسميتي ... محمّدا وهو أوفى الخلق بالذّمم
147 - إن لم يكن في معادي اخذا بيدي ... فضلا، وإلّا فقل يا زلّة القدم
148 - حاشاه أن يحرم الرّاجي مكارمه ... أو يرجع الجار منه غير محترم
149 - ومنذ ألزمت أفكاري مدائحه ... وجدته لخلاصي خير ملتزم
150 - ولن يفوت الغنى منه يدا تربت ... إنّ الحيا ينبت الأزهار في الأكم
151 - ولم أرد زهرة الدّنيا التي اقتطفت ... يدا زهير بما أثنى على هرم
152 - يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
(1/238)
153 - ولن يضيق رسول الله جاهك بي ... إذا الكريم تحلّى باسم منتقم
154 - فإنّ من جودك الدّنيا وضرّتها ... ومن علومك علم اللّوح والقلم
155 - يا نفس لا تقنطي من زلّة عظمت ... إنّ الكبائر في الغفران كاللّمم
156 - لعلّ رحمة ربّي حين يقسمها ... تأتي على حسب العصيان في القسم
157 - يا ربّ واجعل رجائي غير منعكس ... لديك، واجعل حسابي غير منخرم
158 - والطف بعبدك في الدّارين إنّ له ... صبرا، متى تدعه الأهوال ينهزم
159 - وأذن لسحب صلاة منك دائمة ... على النّبيّ بمنهلّ ومنسجم
160 - ما رنّحت عذبات البان ريح صبا ... وأطرب العيس حادي العيس بالنّغم
والحمد لله رب العالمين
(1/239)
منقول