........كفى إصلاحات في السر.. اللغة العربية خطّ أحمر!
خبراء وممثلون عن نقابات التربية في ندوة الشروق حول إصلاحات الجيل الثاني:الشروق : 20-01-2017نادية سليماني / نشيدة قوادري
وصف خبراء ومُختصون وممثلون عن النقابات المستقلة بقطاع التربية "خرجة" وزيرة التربية بترجمة المصطلحات العلمية بكتب الأولى ثانوي من الفرنسية إلى العربية، ابتداء من الموسم الدراسي المقبل، بـ "البريكولاج" والتسرّع المُعتاد لبن غبريط، مُعتبرين أنه كان أولى بالوزيرة أن تصلح الخلل في إصلاحات السنة المنصرمة، قبل الانطلاق في إصلاحات جديدة.
البروفيسور والباحث، جمال الضو:
الفرنسية أخذت مصطلحاتها الرياضية من اللغة العربية... فلماذا نحتقر أنفسنا؟؟
يرى الباحث جمال الضُو، أن تدنّي مستوى نتائج الطلبة في الجامعة ليس بسبب عدم فهمهم للفرنسية، بل لتدني مستوى تحصيلهم في المدرسة وتدني مستوى البكالوريا.. والدليل - حسب تعبيره- أن نسبة كبيرة من الجامعات الجزائرية تُدرّس بالعربية في السنة الأولى وحتى الثانية وهناك من تدرّس كل السنوات بالعربية ونتائجها متدنية.. وهناك جامعات مستوى الطلبة في الفرنسية جيد ( تيزي وزو وبجاية مثلا) ولكن نتائج الطلبة كارثية أيضا... "ولهذا لا يمكن أن نجعل اللغة شماعة لتبرير الفشل". وإن كان عدم فهم الطلبة للفرنسية يعقد أمرهم أكثر - حسب الضو- لكن هذا الإشكال لا يحل بترجمة المصطلحات بل بطريقة جذرية. ويقول "المصطلحات أمرها سهل، الأصح هو فهم اللغة والشرح والذي يتطلب تحكما في اللغة".
واعتبر المتحدث متأسفا، أن استعمال المصطلحات الفرنسية في نصوص عربية، هدفه التقليل من شأن اللغة العربية في ضمها مصطلحات علمية "رغم أن كثيرا منها ظهر قبل ظهور الفرنسية للوجود، فمعظم مصطلحات الرياضيات ترجمها الغرب عن العربية إلى اللاتينية ثم ترجمت إلى بقية اللغات".
والحل حسب تأكيد البروفيسور لـ "الشروق" أن تُعرَّب جامعاتنا مع إدخال اللغة الإنجليزية كلغة ثانية لتدريس بعض المواد، حتى يتفتح الطلبة على لغة العلم والبحث العلمي، وليس تعلم لغة.. لا مكان لاستعمالها إلا فرنسا وبعض الدول الإفريقية.
واعتبر الضو، أن قرار الفرنسة هو أمر سيادي لا يحق أن تتصرف فيه وزيرة بقرار، ولابد من العودة إلى الشعب واستفتائه. متنبئا بحدوث فوضى في التعليم، بعدما يجد التلاميذ أنفسهم أمام مصطلحات لا يفهمونها، فتزداد مشاكل تعليمهم.
ومؤكدا أن أجيالا من أفضل الطلبة تخرجوا ودرسوا إلى غاية البكالوريا ليس فقط بالعربية بل باستعمال الرموز العربية في الرياضيات والفيزياء.
الخبير التربوي عبد القادر فضيل:
بن غبريط متجهة نحو فرنسة المدرسة الجزائرية
وصف الخبير التربوي، عبد القادر فضيل، إصرار وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط على فرنسة المصطلحات العلمية بكتب الأولى ثانوي ابتداء من السنة الدراسية المقبلة، بـ "الارتجال" الذي لن يخدم المنظومة التربوية، ومعتبرا أن وزيرة القطاع تسعى من خلال إصلاحاتها إلى فرنسة المدرسة الجزائرية وفقط.
وحسب قول المتحدث في اتصال مع "الشروق"، "الطور الابتدائي تمّت فرنسته، بعدما أصبح التلميذ يكتب العمليات الحسابية من اليسار إلى اليمين، في وقت يكتب الجمل من اليمين إلى اليسار، وهذا تناقض لا يحدث إلا في المدرسة الجزائرية... وهاهم اليوم متوجهون نحو فرنسة الطور المتوسط...".
وأكد الخبير التربوي، أن الرياضيات لها صلة بلغة البلد، فليس من المنطقي أن يكتب تلميذ الابتدائي جملة اسمية أو فعلية بالعربية من اليمين إلى اليسار، وفي الوقت نفسه يكتب العمليات الحسابية بالاتجاه المعاكس، وهو ما أحدث خللا كبيرا في تعلم التلاميذ للحساب.
ولم يستبعد فضيل أن تتراجع الوزيرة عن قرارها في آخر لحظة مثلما هي "مُتعوّدة" عليه.
وفي سؤال حول كفاية مدة سنة لتكوين أساتذة المواد العلمية على استعمال المصطلحات الفرنسية بدل العربية، ردّ بالقول "مدة سنة غير كافية للتكوين، أصلا لا يوجد تكوين في قطاع التربية....؟؟".
المختص في التربية طاهر حوسيني:
علينا تطوير طريقة تعليم اللغات وليس ترجمة المصطلحات
استغرب الطاهر حوسيني، سعي الوزارة للبدء في إصلاح ما تبقى من الطور المتوسط والتعليم الثانوي، في وقت تعرف إصلاحات السنة المنصرمة خللا واضحا، وحسب تأكيده "كتاب العلوم الطبيعية الجديد للسنة 1 متوسط، لم يتغير فيه شيء، كل ما تغير أن الوزارة قامت بحشوه بمعلومات قديمة مستمدة من كتب سابقة، في وقت كنا نطالب بالتخفيف على التلاميذ...".
وبخصوص ترجمة المصطلحات العلمية إلى الفرنسية، يرى حوسيني أن الأمر يحمل في ظاهره فكرة حسنة، خاصة وأن كثيرا من الناجحين العلميين في البكالوريا "يتيهون ويضيعون" عند الانتقال للجامعة، فيتفاجؤون بمصطلحات فرنسية بعدما درسوها بالعربية، خاصة أبناء الجنوب، وهو ما يضطرهم للتحويل نحو الشعب العلمية.
ولكن... يضيف "القول بترجمة المصطلحات في رأيي ليس كافيا، بل الأولى هو إعطاء أهمية أكبر لطريقة تدريس اللغات بالمدرسة، فالدراسات تؤكد أن تلاميذنا ضعفاء جدا في اللغات الثلاث، العربية والفرنسية والإنجليزية". وأهم إشكال يُطرح في الموضوع، هو عدم تحكم غالبية الأساتذة في اللغة الفرنسية، "فكيف سيوصلون المعلومة للتلميذ..؟؟ وأيضا هل ترجمة المصطلحات ستكون حرفية أم شكلية؟ هذا ما يجب طرحه للنقاش، لتفادي تكرار الإصلاحات التي لا تُواكب العصر.
وانتقد محدثنا طريقة تكوين الأساتذة التي تتبعها الوزارة الوصية، وحسب قوله "التكوين يكون لبضعة أيام فقط، وهو عبارة عن حشو معلومات ونظريات، وحجة الوزارة أن التطبيق يكون في الأقسام،.. وبهذه الطريقة التكوين لن يفي بالغرض لغياب المحفز والرادع والمتابعة الميدانية...". والأكثر غرابة حسب تعبير الخبير التربوي، أن يتم تكوين الأساتذة في فترات راحتهم، فكيف يستوعبون؟؟ وحسبه غالبية الأساتذة الجدد يشتكون من عدم قيام الأساتذة المكوّنين بمهامهم على أحسن وجه.
سعيد فضيل "إطار سابق بوزارة التربية":
الفكرة تحتاج على الأقل لسنتين من النقاش والدراسة
يعتبر الإطار التربوي سعيد فضيل، أن بعض الأساتذة لا يحسنون حتى النطق باللغة الفرنسية، فكيف سيتعاملون مع المصطلحات العلمية المفرنسة، ولأن العملية معقدة ومركبة، فهي تحتاج حسب محدثنا، على الأقل لسنتين تكوين قبل تطبيق الإجراء، "فعدم إعطاء الوقت الكافي لدراسة ومناقشة الإصلاحات الجديدة، سيجعل من التلاميذ فئران تجارب". ليتساءل.. وما هو المشكل في المصطلحات العلمية باللغة العربية؟ مضيفا "غالبية الإطارات العلمية الجزائرية، درست العلوم باللغة العربية، ومنهم من تفوّق ويشتغل في مناصب مهمة بدول غربية".
كما أن ترجمة المصطلحات –حسب تعبيره- تحتاج إلى ترجمة كاملة للفكرة وليس للمصطلح فقط، وإلا أصبحت "خالوطة" تضر التلميذ أكثر من ما تنفعه. ليخلص، أن القضية ليست قضية مصطلحات "بقدر ما هي سعي من وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط، لفرنسة التعليم، خاصة في ظل وجود تيار بالوزارة لديه رغبة لفرنسة المواد العلمية".
النقابات المستقبلة ترفع البطاقة الحمراء في وجه بن غبريط:
من أراد تطوير المدرسة عليه باللغة الانجليزية
ترى، نقابات التربية المستقلة، أن شروع وزارة التربية الوطنية من خلال اللجنة الخاصة التي نصبتها شهر جانفي الجاري، في ترجمة المصطلحات العلمية من العربية إلى اللغة الفرنسية في إطار مواصلة تطبيق الإصلاحات التربوية، هو الدوس مرة أخرى على العربية التي تعد الأولى دستوريا، من أجل تحقيق "تغريب" المدرسة العمومية، داعية الوصاية إلى الاستعانة "بالانجليزية" لأنها تعد لغة عالمية بدل الفرنسية التي أضحت "ميتة" حتى ببلدها الأصلي. بالمقابل أعلنت عن رفضها تجريم المترشحين والكشف عن المتورطين الحقيقيين في الغش والتسريب، وذلك على خلفية مشروع قانون تجريم الغش الذي يوجد قيد الإعداد.
"الأسنتيو": ترجمة المصطلحات إلى الفرنسية.. دوس على العربية
أكد، الأمين الوطني المكلف بالتنظيم بالنقابة الوطنية لعمال التربية، قويدر يحياوي، أن وزارة التربية الوطنية مرة أخرى لم تستشر الشركاء الاجتماعيين بخصوص ملف الإصلاحات عموما والشروع في ترجمة المصطلحات العلمية من العربية إلى الفرنسية على وجه الخصوص بكتب "الجيل الثاني" للسنة أولى ثانوي، مضيفا بأنهم قد تفاجؤوا بتنصيب اللجنة في تعتيم تام مثل ما تم مع كتب الجيل الثاني للسنتين الأولى والثانية ابتدائي والسنة أولى متوسط.
وأضاف، مسؤول التنظيم بالنقابة، أنه مرة أخرى يتم الدوس على اللغة العربية باعتبارها اللغة الأولى دستوريا، ليتم استبدالها تدريجيا باللغة الفرنسية التي أصبحت لغة ميتة حتى ببلدها الأصلي "فرنسا"، مؤكدا بأنه وحتى إن كانت تعليلات الوزارة وتبريراتها تنبع دائما من أجل تحقيق التطوّر العلمي والتكنولوجي، فكان الأجدر عليها ترجمة المصطلحات الموجودة بالكتب العلمية إلى الإنجليزية التي تعد اللغة الأولى عالميا والتي هي لغة العلم والتطوّر، في الوقت الذي شدد أن المنهج الذي تسير عليه الوصاية منذ انطلاق الإصلاحات سنة 2003، يهدف إلى طمس مواد الهوية الوطنية وعلى رأسها اللغة العربية التي نعتبرها لغة العلوم، ولا داعي للتحجج بالتطور العلمي.
وأفاد محدثنا أنه هيئته كانت تنتظر من الوزارة ألا تتسرع في تطبيق إصلاحات الجيل الثاني في الطور الثانوي، مثلما فعلت في التعليم الابتدائي والمتوسط، لكي لا تقع في نفس الأخطاء "الفادحة" حين أصبحت "إسرائيل" دولة بدل فلسطين في كتاب مادة الجغرافيا الموجه لتلاميذ السنة أولى متوسط.
وبخصوص مشروع قانون تجريم الغش في الامتحانات المدرسية الرسمية، الذي يوجد قيد الإعداد على مستوى وزارة العدل، أكد قويدر يحياوي أن "الأسنتيو" ضد تجريم المترشحين وجرهم إلى أروقة العدالة، على اعتبار أن هناك تلاميذ مراهقين لا يصل بنا الحد إلى درجة سجنهم، بل لا بد من تجريم ومعاقبة مسيري الامتحانات والذين يشرفون على تنظيمها من أعلى مسؤول في الوزارة إلى آخر مسؤول، على اعتبار أن أشكال الغش التي أضحت تميز الامتحانات الرسمية في السنوات الأخيرة "منظمة" من طرف أشخاص مجهولي الهوية غايتهم ضرب استقرار المنظومة التربوية، وبالتالي فلا بد من معاقبة المتسببين الحقيقيين في الغش وليس "مسح الموس" في المترشحين بحجة تداولهم للأجوبة والمواضيع عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
"لونباف": اعتماد الفرنسية في "الترميز".. تغريب للمدرسة ولن يأتي بنتيجة
من جهته، انتقد، رئيس الشبكة الإعلامية بنقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، مسعود عمراوي، بشدة قضية الشروع في ترجمة المصطلحات العلمية من العربية إلى اللاتينية، على اعتبار أن هذا الإجراء الجديد الذي تضمنته الإصلاحات التربوية ليس له أي "سند علمي" ولن يحرز أي تقدم علمي ولا تكنولوجي ولا نقلة نوعية، وهو يدخل في إطار "تغريب" المدرسة العمومية لا أكثر وأقل، مؤكدا بأن التلميذ لما يكتب "الترميز" باللغة الفرنسية من اليسار إلى اليمين، لن يأتي بأي نتيجة "علمية"، وأحسن دليل ما حدث مع في الطورين الابتدائي والمتوسط، وبالتالي فالإصلاحات التي اعتمدت لم تفتق أي موهبة خارقة، بل بالعكس فقد تم تسجيل تراجع ملحوظ في النتائج.
وأكد، محدثنا بأن "لونباف" لم تستشر في الموضوع، ورغم ذلك كان من المفروض استشارة الأشخاص المختصين في البيداغوجيا والعلوم التكنولوجية، معربا عن أمله في أن تكون البرامج الجديدة في مستوى طموح الأمة بما يضمن التقدّم العلمي والتكنولوجي، لأن التركيز على "الشكليات" لا يقدم ولا تأخر.
"الكناباست": الوزارة مستمرة في فرض سياسة الأمر الواقع
أكد، الأمين الوطني المكلف بالإعلام والاتصال بنقابة "الكناباست"، مسعود بوديبة، أن "التغييرات" التي باشرتها وزارة التربية الوطنية سواء بخصوص التعليم الإلزامي "الابتدائي والمتوسط"، وحتى ما يحضر بالنسبة للثانوي، في "سرية تامة" وبطريقة غير معلنة، لم تعلم بها النقابة إلى حد الساعة ولا بمراحل إعدادها، مؤكدا أن الوصاية مستمرة في فرض سياسة الأمر الواقع وهي الاستراتيجية التي انتهجتها منذ قدوم بن غبريط سنة 2014.وبشأن ترجمة المصطلحات من العربية إلى اللاتينية، أوضح مسعود بوديبة أنه في ظل عدم معرفتهم لمجريات الموضوع، فإنه يصعب تحديد الرؤية بوضوح.........