.......
كلمات في الصميم للذين «يتزوجون الوظيفة».. رفقا بالقوارير
يبحثون عن زوجة أهم ما فيها أن تكون موظّفةالنهار : 2018/01/11
بقلم ب.ش
اليوم نقف أمام مشكلة اجتماعية مؤرّقة، مشكلة تفضح الأزواج الذين انحرف تفكيرهم عن جادة الصواب، حين راحوا يبحثون عن زوجة أهم ما فيها أن تكون موظّفة، ليضعها الزوج في بيته ويستولي على راتبها من دون أن يشعر بأيّ غضاضة أو حياء، ومن دون أن يحسب حسابا لرضا الزوجة أو أهلها أو مشاعرهم، بل يدّعي أن هذا من حقه، مع أنه واقع في أكل ما حرّمه الله من أموال بغير حق وطِيب نفس، ذلك أن الزوج الشهم لا يحِلّ لنفسه أخذ شيء من مال زوجته إلا بالمعروف وطيب نفس وبرضاها.
لقد تضخّمت هذه المشكلة في مجتمعاتنا وصارت عبئا يثقل كاهل كثير من الأسر، حتى غدت الحياة بين الزوجين حياة مادية تقوم على المصلحة الآنية، لا المحبة والمودة وخفض الجناح، فأيّ حب هذا الذي يتبقى، وأي احترام يدوم بين زوج متسلّط وزوجة مكسورة الجناح، مكرهة على دفع راتبها وأجر معاناتها اليومية لامرئ لا يراعي الله فيها، بل يرى أن ذلك حق قوامته عليها؟!.
إن هذه الصورة مخزية، والأشدّ خزيا، موقف ذلك الزوج الذي يدّعي الشهامة، فيرفع يده عن راتب زوجته شرط أن تنفق على نفسها بنفسها، بل يجبرها أحيانا على مشاطرته نفقة البيت أو دفع إيجاره.
السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف فهم هؤلاء حق القوامة؟ وهو الحق الذي شرعه الله سبحانه لسعادة الأسرة وضبط أمورها لا لظلم الزوجة واغتصاب حقوقها، حيث يتحوّل العقد هنا من عقد زواج إلى عقد تجاري بغيض.
ومما يفضح هذا الظلم ويكشف حجم عاقبته، قوله تعالى:{ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}، وقول الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم» «ليس يحلّ لمسلم من أخيه شيء إلا ما أحلّ من نفسه».
وهناك عدد من الإجراءات العلاجية لهذه المشكلة، وأولها الإجراءات الوقائية المتمثلة في تقصي حقيقة الرجل الذي يتقدم للزواج من الفتاة، ومعرفة هدفه وغايته من خلال تفحص سيرته والنظر في أقواله وطبيعة تفكيره، أما المجتمع فله دوره المهم في حلّ المشكلة، فعلى أولياء الأمور توخي الدقة في اختيار الزوج، وعليهم مراعاة الله في تربية أبنائهم، فلا يسمحوا لهم بممارسة الظلم والعدوان، وإن حدث شيء من ذلك، تدخل الحكماء من الأقارب لإظهار الحق وإبطال الباطل.
إن أقارب الزوج يتحمّلون جزءًا من المسؤولية في نصرة الحق، وكذلك على الدولة وولّاة الأمر تحسس هذه الظلمات، وسنّ القوانين الرادعة لكل من يتورط في ظلم زوجته واغتصاب حقوقها.
وبما أن المشكلة ذات تشعبات كثيرة وظلال ممتدة، وتساؤلات في ذهن القارئ نتيجة المواجهة والصدام مع أطراف هذه المشكلة، وعلى رأسها الطلاق، فإننا نؤكد على ضرورة تظافر الجهود لحلّها الحل الأمثل، والدعوة إلى الصبر، ثم التفكير في كل الحلول السليمة، وننبه أيضا، إلى أن الظلم ربما يقع من الزوجات وذويهن، فينبغي التنبه إلى ذلك ورفض الظلم والعدوان، ممن كان وكيفما كان.
وأخيرا إنها دعوة إلى كل من الظالم والمظلوم للأخذ بما يمليه عليهم واجب الدين والخلق، وحق الصحبة والمعاشرة الإنسانية الصادقة، وتمليه عليهم الصفات التي لم ينحرف بفطرتها هوى أو طبع رديء، أو جشع أو تكالب على الدنيا ونسيان الآخرة، والوقوف بين يدي الله الذي إليه المصير.