........ واد كنيسالهدية 285كونوا كهؤلاء الشباب وافعلوا شيئا لانفسكم ولبلدكمالشروق : 2018.08.25“واد كنيس” من أقوى المواقع الالكترونية في الجزائر، يتصفحه يوميا أزيد من 800 ألف زائر، وهو رقم كبير جدا مقارنة حتى بالمواقع الإقليمية والعالمية، يصنف الأول في الجزائر والرابع عالميا بين المواقع التي يتصفحها الجزائريون، بدأ من فكرة بسيطة لشباب موهوب حملوا صفات التفكير والاطلاع والإنجاز في سن مبكرة، وهم خمسة شباب لم تتعد أعمارهم الثامنة عشر أنذاك، اطلقوا فكرة افتراضية تحولت إلى انجاز يتحدث عنه ملايين الجزائريين داخل الجزائر وخارجها، هؤلاء الشباب الذين قطعوا 12 سنة من العمل على تطوير موقعهم يتحدثون عن كواليس مشروعهم الذي بدأ بـ3 آلاف دينار وبلغ الملايير اليوم وبات حديث العام والخاص، المثقف والأمي، واستحدثوا اكبر سوق افتراضية في الجزائر.
من الجدير أن تكون تجارب الشباب نقطة لتسليط الضوء عليها إعلاميا وإبراز قدرة الجزائريين على التفكير والتخطيط والتنفيذ، ثم الاستمرار في النجاح، واخترنا “واد كنيس” كأكبر موقع الكتروني للتجارة الافتراضية نظرا لما أصبح له من مكانة لدى العام والخاص، يتصفحه ابسط مواطن وأعلى مسؤول في الدولة، أبطاله خمسة شباب اطلقوا شرارة المشروع ذات يوم في 2006 ولم يكملوا الـ18 من عمرهم، وكانت لديهم علامات النبوغ منذ سنوات الدراسة.
زرنا مقر موقع “واد كنيس” الكائن في 275 جنان بن عمر ببلدية القبة واستقبلنا أحد مؤسسيه الشاب هشام سوداح، عمره 30 عاما فقط، درس الصيدلة في الجامعة بعد حصوله على شهادة البكالوريا بتقدير جيد، لكنه لم يكمل التخصص وتوجه إلى العمل على فكرة مشروع مع أصدقائه وهم احمد بوعوينة ، مهدي بوزيد، بن موفق محمد أمين، وثلاثتهم متخصصون في الإعلام الآلي، إضافة إلى ديب جمال الدين متخصص في التخطيط والإحصاء، جمعتهم صداقة قوية من أيام الثانوية، فمنهم من درس بثانوية حامية، ومنهم من درس في المنظر الجميل، لكن كانوا يلتقون دائما في الشارع أمام “حائط” أحد المباني في مدينة القبة، يدردشون ويطرحون أفكارهم بتأسيس موقع الكتروني بمجرد انطلاقه وفتح مجال استخدام الانترنت في الجزائر مع برنامج “أسرتي”، ثم “الاديايسال”.
أول خطوة.. 3 آلاف دينار فقط!
وجاءت فكرة تسمية الموقع بواد كنيس في نفس الأثناء التي أزيح فيها سوق “دلالة” الشعبي في الجزائر بسبب أشغال قطار المدينة “ترامواي” بالرويسو.
يقول لنا هشام سوداح، أن الوقت كان مناسبا للنجاح، فلم يكن سوى موقع واحد في الجزائر أنذاك ولم تكن المنافسة قوية، لذا تمكن واد كنيس من تحقيق أول 1000 زيارة في سنة واحدة من بعد تأسيسه بمبلغ لا يتعدى 3 آلاف دينار فقط، وطوروا المشروع إلى غاية 2009، حيث حولوه من مشروع هاو إلى مشروع محترف مدروس اقتصاديا وتجاريا باعتماد سجل تجاري والعمل بصورة قانونية يخضع فيها الموقع إلى كل القوانين والمعاملات بما فيها تسديد الضرائب.
“لم نكن ننقل تجربة في العالم او نقلد موقعا معينا أو نستوعب تجربة أجنبية، كنا نجسد تجربة خاصة تعكس تصورنا”، وعن سؤال ان تجربة خمسة مؤسسين تشبه إلى حد ما تجربة مارك روزنبرغ، ابتسم، وقال ربما، لكن مجالنا مغاير جدا، فنحن ننشط في التجارة الالكترونية عكس التواصل الاجتماعي، لكننا نفكر في مرحلة قادمة على إحداث موقع يدمج التجارة بالتواصل الاجتماعي وسيكون عبر موقع يهتم بطلبات العمل والتوظيف، هذه الفكرة واردة وفي برنامجنا، لكنها لم تنضج بعد، فنحن نعمل باستمرار على تطوير الموقع، بدأنا بإطلاق موقع اوطوبيب الخاص بأخبار وأسعار السيارات الجديدة في الجزائر ويحتل المرتبة الخامسة حاليا بين المواقع، كما انطلقنا منذ شهر تقريبا في خدمة التجارة الالكترونية عن طريق خدمة التوصيل إلى الزبون وينتظر أن تحقق نجاحا، لأن كل البرامج والأهداف التي نخوض فيها تكون مدروسة جدا”.
واد كنيس يهزم الأسواق والوكالات العقارية والسياحية
أجاب هشام سوداح على سؤال هل بإمكان واد كنيس ان يلغي الأسواق الأسبوعية ويقلل من مجال عمل الوكالات السياحية والعقارية، فأجاب في تواضع “أكثر الإعلانات المجانية التي ننشرها عبر الموقع هي لتجارة السيارات المستعملة، العقارات وطلبات العمل بالمجان، وهي الانشغالات التي جعلت من الموقع “شعبي” يحبه جميع الجزائريين، ولا أقول انه سيلغي الأسواق الأسبوعية، لكن وصلنا في الجزائر وفي العالم إلى مرحلة يجب علينا أن نتطور، ونقضي على الأسواق الفوضوية، مثلا قبل وادي كنيس لم تكن المرأة قادرة على دخول سوق تيجلابين في الرابعة صباحا بين الرجال تبيع أو تشتري سيارة مستعملة، لكن الآن بإمكانها فعل ذلك عن طريق الانترنت، كذلك أي جزائري يفكر في استئجار او شراء او بيع عقار اللجوء إلى الموقع الالكتروني لتسهيل العملية ويختصر الوقت والجهد.
الإعلانات بالمجان والاشتراكات للمحترفين والمتعاملين التجاريين
عن مداخيل الموقع، فإن الإعلانات اليومية للأشخاص مكفولة بالمجان وهو ما زاد من عدد زوار واد كنيس، أما بالنسبة للمحترفين الاقتصاديين وأصحاب الشركات والوكالات التجارية عقارية او سياحية فإن الإعلان اما عن طريق الاشتراك الشهري ابتداء من 1000 دينار فما فوق، او الدفع أسبوعيا بالنسبة للشركات الكبرى التي لها مساحات إعلانية كبيرة، ولدى الموقع حاليا أكثر من 3 آلاف زبون تجاري لديهم نشاط قانوني بسجلات تجارية وحوالي 300 وكالة سياحية تمرر إعلاناتها عبر موقع واد كنيس.
لا نفكر في بيع الموقع حتى وإن عرضوا علينا شرءاه
نظرا للمكانة التي وصل إليها موقع واد كنيس، علمنا أن متعاملين يسعون لشرائه، الشيء الذي نفاه مؤسسوه، وقال هشام سوداح ان فكرة بيع الموقع ليست واردة تماما، لأن تقييمه ماليا صعب جدا ولا يمكن تحديد سعره، لأن الموقع الالكتروني ليس له أملاك وأصول منقولة او عقارات سوى المقر فقط، لذا يصعب لأي جهة مهما كانت أن تمنحنا سعرا مناسبا، وسألناه عن رقم أعمال او رأسمال موقع واد كنيس، فلم يستطع تحديد المبلغ لنفس السبب، واكتفى بالقول ان الموقع يشغل 50 موظفا دائما يتقاضون أجرا مرتفعا.
غياب الدفع الالكتروني مشكل نأمل أن نتجاوزه
من بين العراقيل التي تحد من أهمية نشاط المواقع التجارية في الجزائر هو الدفع الالكتروني الذي لم يدرجه المشرع الجزائري في نشاط المواقع الالكترونية واكتفى بأن الدفع الالكتروني يتم فقط بين صاحب السلعة والزبون، ويأمل مؤسسو موقع واد كنيس ان تفتح الحكومة والقانون مجال التعامل بالدفع الالكتروني ليشمل المواقع الالكترونية التجارية حتى ينتقل إلى مرحلة اخرى من الاحترافية لدعم خدمة التجارة الالكترونية.
واد كنيس والقرصنة
تعرض واد كنيس عدة مرات إلى محاولات قرصنة واختراق من طرف “هاكر”، لكن المحاولات فشلت، وقال هشام سوداح أن فريق المطورين وهم مختصون في الأمن الالكتروني وضعوا أنظمة أمن يصعب على القراصنة اختراقها، ولم ينف أن الموقع تعرض لعدة مرات إلى محاولة اختراق، لأنه موقع تجاري ناجح، الهدف من وراء القرصنة هو الوصول إلى قاعدة البيانات للاستفادة منها واستغلالها.
نتعاون مع العدالة ورجال الأمن للحد من تسويق البضائع المسروقة
قال مؤسسو الموقع أن لديهم فريق عمل يدقق في الإعلانات ويدرسها قبل عرضها في الموقع وهم يتعاونون كثيرا مع رجال الأمن والقضاء في القضايا المتعلقة بالمسروقات والتجارة المشبوهة وإن كان من الصعب جدا التعرف عليها وتحديدها، لكن التعاون موجود ومستمر، ويزودون القضاء والتحقيق بالمعلومات اللازمة، لأنهم يملكون الكثير من التفاصيل عن السلع والأشحاص ايضا.
وفي الأخير، عبروا عن رغبتهم في إخراج الموقع إلى العالمية وتوسيعه ليشمل أنشطة في منطقة المغرب العربي، ثم الشرق الأوسط ، وهدفهم القادم هو إحداث دمج لموقع التواصل الاجتماعي مع المواقع التجارية عن طريق سوق العمل والتوظيف.
ليلى مصلوب
صحافية بمجلة الشروق العربي