.........
قصيدة البردة أو الكواكب الدريَّة في مدح خير البرية
كتبها الشاعر الأمازيغي القبائلي محمد بن سعيد البوصيريالشروق : 2018.12.16هي أشهر القصائد في مدح النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، كتبها الشاعر الأمازيغي القبائلي محمد بن سعيد البوصيري في القرن السابع الهجري الموافق للقرن الحادي عشر الميلادي. ولد بدلّس المدينة القبائلية، وتوفي بالقاهرة حيث درس وتعلم، وقد ترجم له المصريون بأنه مولود في دالاس.
أجمع معظم الباحثين على أن هذه القصيدة من أفضل وأعجب قصائد المديح النبوي إن لم تكن أفضلها، حتى قيل: إنها أشهر قصيدة مدح في الشعر العربي بين العامة والخاصة. وقد انتشرت هذه القصيدة انتشارًا واسعًا ، يقرأها بعض المسلمين في معظم بلاد الإسلام كل ليلة جمعة. أقاموا لها مجالس عرفت بمجالس البردة الشريفة، أو مجالس الصلاة على النبي. يقول الدكتور المصري زكي مبارك: «البوصيري بهذه البردة هو الأستاذ الأعظم لجماهير المسلمين، ولقصيدته أثر في تعليمهم الأدب والتاريخ والأخلاق، فعن البردة تلّقى الناس طوائف من الألفاظ والتعابير غنيت بها لغة التخاطب، وعن البردة عرفوا أبوابًا من السيرة النبوية، وعن البردة تلّقوا أبلغ درس في كرم الشمائل والخلال. وليس من القليل أن تنفذ هذه القصيدة بسحرها الأخاذ إلى مختلف الأقطار الإسلامية، وأن يكون الحرص على تلاوتها وحفظها من وسائل التقرب إلى الله والرسول”. وقد نسج على منوالها الكثير من الشعراء من بينهم أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدة عنوانها (نهج البردة) والتي غنتها المغنية الكبيرة أم كلثوم.
ونحن تستعرض أبيانا من أبياتها المائة والستين (160 )، فمحمد حبيب كل كائن حي، وهو سيد الدنيا والآخرة وسيد العرب والعجم. وهو الذي يطلب كل مؤمن شفاعته يوم القيامة إنقاذا له من الهول. لقد دعا لله فالذي اتبع دعوته مصيره النجاة:
مولاي صلــــي وسلــــم دائمـــاً أبـدًا على حبيبك خَير الخَلق كُلهِــــــــــــــمِ
محمد سيد الكوْنين والثَّقَلـــــــــــــــــــيْـ ــن والفريقين من عُرْبٍ ومن عَجَم
هو الحبيب الذي تُرجى شفاعتُـــــه لِكُلِّ هول من الأهوال مُقتحِـــــــــــــــم
دعا إلى الله فالمستمسِكون بــــــه مُستمسكون بحبلٍ غير منفصـــــــــم
والبيت الرائع يقول إنّ الإنسان إن لم تقوّمه الأخلاق الحميدة يخرج كائنا ضالا مسيئا ، فهو يشبه الطفل الرضيع إن لم تفطمه استمر يرضع من أمه حتى وهو كبير:
والنفس كالطفل إن تُهْملْهُ شبَّ علــــى حُبِّ الرضاع وإن تَفطِمه ينْفطِم
الله كوّن من محمد إنسانا كامل السيرة والصورة ثم اختاره نبيا صافي التكوين:
فهو الذي تَــــــمَّ معناه وصورتَـــــــه ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النَّسَــــــــــــم
فهو الشمس التي تنير سائر الكواكب وترسل أشعتها للبشر في الظلام، وعندما تسطع بالكون يعمّ هُداها سائر الأمم:
فإنه شمس فضلٍ هم كواكبهــــــــــــــــا يُظهرن أنوارها للناس في الظّلَـــــم
حَتَّى إِذَا طَلَعَتْ في الْكَونِ عَمَّ هُدَاهَا الْعَالَمِينَ وَأَحْيَتْ سَآئِرَ الأُمَــــــــــــــــمِ
ويختم البوصيري القبائلي قصيدته الرائعة بالبيتين التاليين، محددا أبياتها بمائة وستين (160) بيتا :
وهذه بُــــردةُ المُختــــار قد خُتمــــت والحمد لله في بــــدءٍ وفي ختَـــــم
أبياتها قـــــد أتت ستيــــن معْ مائـةٍ فرِّج بها كربنا يا واسع الكــــــــرم
الخلاصة: هي أجمل قصيدة قيلت في مدح محمد سيد المرسلين، وهي تبرهن على أن الأمازيغ القبائل أحبوا اللغة العربية وتعمقوا في معانيها، وطوروا أساليبها مما يبرهن أنهم عرب أقحاح.
عثمان سعديرئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية