........ضياع التعليم بين الوزارة والأولياء!الحالة المأساوية التي بلغها التعليم في الجزائرالشروق : 2018.12.22طالِب ثانوي من ولاية تبسة، لم يتحمّل توبيخ وليّ أمره، بعد حصوله على نتائج سيئة في الثلاثي الأول، فرمى بنفسه من سيارة والده التي كانت تسير بسرعة فائقة فأنهى حياته، وطبعا حياة عائلته الحزينة، وتلميذ في المتوسط من ولاية الطارف، أنهى عتابا عائليا شديدا، على خلفية ما حصده من علامات ضعيفة في الامتحانات، بشنق نفسه وشنق الأمل في حياة والديه.
نماذج اجتماعية مؤلمة قرأناها في جريدة “الشروق”، لخّصت الحالة المأساوية التي بلغها التعليم في الجزائر، عندما عجزنا عن تقديم العلم الذي من المفروض أنه نور في دروبنا، وعجزنا عن فتح شهية أبنائنا لتقبّل هذا الذي من المفروض أنه يساعدهم في حياتهم، ويجعلهم مثل أبناء الدول التي يغامر الجزائريون بركوب البحر في جنح الظلام، ليخدموهم في الفلاحة وفي رفع القمامة.
علاقة التلميذ والطالب مع التعليم في بلادنا، لا تختلف عن علاقة المتحاربين الأعداء، فهو يواجه المنظومة التربوية العاجزة عن توفير الظروف المعنوية والبيداغوجية الحسنة، ويواجه أولياء لا يريدون منه غير العلامات العالية للتفاخر به، ويواجه أساتذة صار غالبيتهم يرون التلميذ مجرد دنانير، يحصلون عليها من الدروس الخصوصية. وبين هذا وذاك، فضل بعض التلاميذ أن يلقوا بأنفسهم إلى التهلكة شنقا وفي الطرق السيّارة على أن يعيشوا هذه الضغوطات التي جعلت التلميذ يقبل باللحد على أن يطلب العلم من المهد إلى اللحد. ولو أجري سبر آراء صادق عن أكره الأشياء في حياة أطفالنا، سيكون التعليم في المركز الأول وقد ينافسه الأستاذ وحتى الوليّ الشغوف والمتابع لمسار ابنه التعليمي، على هذه الصفة.
تقدم وزارة التربية والتعليم في كل مناسبة ومن دونها، أرقاما عن عدد المتمدرسين، وتحاول أن تتحجج بالنمو الديموغرافي الذي منعها عن تطبيق ما تسميه هي ببرامجها، ويقدّم الأستاذ قائمة لا تنتهي من حاجياته وجميعها مادية لأجل أن يوصل “البضاعة” العلمية للتلاميذ، ولكن الأولياء لا عذر لهم، وهم يعجزون عن مراقبة أبنائهم الذين ضيعتهم المنظومة التعليمية فأجهز عليهم الأولياء، ووصل الأمر إلى تخرج جامعيين لا يتقنون شيئا من الشُعب العلمية التي درسوها، ووصل الأمر إلى إثارة كلمة “اقرأ” الحساسية لدى غالبية التلاميذ والطلبة.
أهم خطوة يجب أن تقوم بها وزارة التعليم، قبل أن تتحدث عن إصلاح الامتحانات ومنها شهادة البكالوريا التي صارت غاية لا تهمّ وسائل تحقيقها إن كانت شرعية أم غير شرعية، هي عقد مصالحة بين العلم والمتعلّم وعقد تحالف بين أهل التعليم والأولياء، وليس مشكلة أن تأخذ النماذج المتوفرة في اندونيسيا وماليزيا، عندما صار التلاميذ يفضلون التوجه إلى المدرسة على الاستراحة في حظائر التسلية وحدائق الحيوانات والإبحار في مواقع التواصل الاجتماعي، حتى لا نبقى نكرّر في كل سنة أرقام التسرب المدرسي والمشادات العنيفة بين التلاميذ والأساتذة أو حوادث الانتحار هروبا من جزء من هذه المنظومة، وهو التعليم، ولن نتحدث عن “التربية”!