........أسرار أول مسجد بني في الجزائرأول آذان دوى في سماء أرضنا الطاهرة كان من مدينة ميلة العريقة من مسجد سيدي غانم الشروق : 2018.06.14يعمر مساجدنا الملايين من المصلين الذين يدلفون حين سماع نداء الصلاة إلى بيوت الله تحفهم الملائكة بالسكينة والرحمة… ومن منا لا يعرف جامع كتشاوة والجامع الكبير ومسجد علي بتشين وسيدي عبد الرحمن، لكن هل خطر في بالكم ما هو أول مسجد بني في الجزائر… “الشروق العربي” تعود بكم إلى 13 قرنا خلت وتكشف لكم عن أول بيت ذكر فيه اسم الله في بلد المليون شهيد.
أول آذان دوى في سماء أرضنا الطاهرة كان من مدينة ميلة العريقة من مسجد سيدي غانم الذي شيد سنة 59 هجري على يدي الفاتح “أبو المهاجر دينار” بعد اربع سنوات من فتح المدينة والتي كانت آنذاك مهدا للديانة المسيحية.
وأثار اسم مؤسس المسجد الكثير من الجدل واللغط بين مؤيد لنظرية “ابو المهاجر” وبين من يرجح أن من بنى المسجد هو “غانم بن عياض بن فاطر بن النذر”، ويقال أن نسب سيدي غانم يعود لحاتم الطائي.. وقد كان حسب روايات عديدة من قادة جيش أبي المهاجر.
ودلت الكثير من النصوص الأثرية على قدم مسجد سيدي غانم في التاريخ الإسلامي، كاتجاه المحراب نحو الجنوب، كما كان شائعا في المساجد الأولى في “المشرق العربي” وكذلك نوعية مواد البناء القديمة جدا ووجود بعض القطع النقدية من العهد الإدريسي، كما استلهم بناءو المسجد عمارته من المساجد “المدينية” نسبة إلى المدينة المنورة ومسجدي القيروان والأموي.
على خطى القديس أوغستين
وقد حدد علماء الآثار تاريخ بناء المعالم الأولى التي بني فوقها المسجد إلى العهد البيزنظي، وهذا من خلال دراسة الباب الشرقي لمدينة ميلة العتيقة والمسمى “باب البلد”، وقد تم الكشف من خلال حفريات أمام المسجد عام 1968م عن أنقاض الكنيسة الرومانية “البازيليكا” التي قد تكون الأقدم في الجزائر، علما أن مدينة ميلة احتضنت فعاليات مجلس أساقفة الكنيسة الكاثوليكية سنتي 402 و416 ميلادي تحت رئاسة القديس المعروف ”أوغستين”، وشهدت تلك الحقبة نشاطا تنصيريا مكثفا، خاصة بعد هزيمة “الوندال” على يد البيزنطيين الذين دام حكمهم للمنطقة حتى سنة 674 ميلادية.
منارة بعدد أيام السنة
يعد جامع سيدي غانم أول مسجد في الجزائر والثاني في المغرب العربي بعد جامع القيروان، وكان بمنارته 365 درجا حسب عدد أيام السنة، وكان يبلغ علوها 62 مترا، غير أن الاحتلال الفرنسي هدمها واستعمل حجارتها لبناء كنيسة وسط مدينة ميلة والتي تحولت اليوم إلى “جامع المارابو”.. وفي تواطؤه الدائم لطمس كل الرموز الإسلامية والعربية، قسم الاحتلال الغاشم مسجد سيد غانم إلى قسم علوي للجنود والسفلي حوله لاسطبلات للأحصنة والخنازير، وحوّل دار الإمارة التي بناها أبو المهاجر إلى مطبخ للجنود، أما بيت الوضوء فتحولت إلى مرشات.
سيدي غانم في أدب الرحلات
يعود أقدم نص تاريخي حول قدم مسجد سيدي غانم إلى القرن الثالث الهجري للمؤرخ “ابن الخياط” تحدث فيه عن استقرار “أبو المهاجر دينار” في ميلة مدة عامين وبنائه للمسجد خلال تلك الفترة، وذكر المؤرخ الذهبي مدينة ميلة في معرض حديثه عن الفتوحات الإسلامية في منطقة المغرب العربي وشمال افريقيا، كما ذكر الجغرافي الشهير البكري والذي عاش في العصر الأندلسي مسجد سيدي غانم المحاذي لدار الإمارة بميلة.