.........
[size=11]2014/10/27 الشروق
مختصون: المدرسة ضاعت بين أساتذة يبحثون عن الأجور وتلاميذ همّهم الشهادة
[size=16]
في وقت تشهد فيه وزارة التربية ثورة جديدة في إصلاح الإصلاحات، وفصل آخر من الاحتجاجات وتبادل الاتهامات بين الوزيرة والنقابات، تحوّلت مدارسنا إلى حلبة صراع بين معلمين يبحثون عن الأجور، وتلاميذ همهم الشهادة، وبين هذا وذاك مؤسسات حضر فيها كل شيء وغابت التربية. [/size][/size]
مدارس يضرب فيها الأستاذ التلميذ، ويعتدي التلميذ في أقسامها على الأستاذ، وتبقى المحاكم الشاهد الأكبر على التراجع الأخلاقي الرهيب للمدارس التي استقالت من دورها التربوي، وتحوّلت الى مؤسسات لتوزيع الشهادات، يتعلم فيها التلميذ كل شيء إلا الأخلاق والمبادئ والقيم، فلماذا هذا التراجع الكبير للدور التربوي للمدرسة التي استسلمت للشارع بكل ما يحتويه من آفات..!
أعلنت عن ميثاق أخلاقيات التربية والتعليم
بن غبريط تعترف: نحن بحاجة إلى أخلقة المدرسة
[size][size]
اعترفت وزيرة التربية نورية بن غبريط أخيرا أن المدرسة الجزائرية بحاجة إلى عملية أخلقة بعد تفشي ظاهرة العنف وتحوّل المؤسسات التربوية إلى مرتع للآفات الاجتماعية، حيث أكدت أن قطاعها يفكر حاليا في إعداد ميثاق خاص بأخلاقيات مهنة التربية والتعليم، قائلة "من الضروري أخلقة مهنة التربية لتكون قدوة ومثلا يحتذى بهما في جميع التصرفات، لذلك فنحن بصدد التفكير بشأن إعداد ميثاق أخلاقيات مهنة التربية".
[/size][/size]
ولم تنف وزيرة التربية بالمناسبة وجود تصرفات "لا مسؤولة" صادرة عن بعض المعلمين لكنها قللت في نفس الوقت من عدد هؤلاء الذي يبقى "ضئيلا".
ونوّهت في هذا السياق بما يقوم به أغلب الأساتذة من مهام و"بجدية"، مؤكدة أن الحالات التي يستعمل فيها العنف داخل المؤسسات التعليمية "تبقى معزولة"، وذكرت بن غبريط كذلك بأجهزة المراقبة التي تستعملها الوزارة لمجابهة هذه الظاهرة وفق ما يقتضيه القانون، يوجد أولها داخل المؤسسة (الإدارة) التي تعمل -كما قالت- على متابعة مدى تطبيق التشريع وتذكر الغافلين كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
وأشارت ممثلة الحكومة إلى أن الإجراءات التي قد تتخذ في حالة ثبوت ممارسة العنف "يمكن أن تؤدي إلى مثول المعنيين أمام لجان مجالس التأديب التي تسلّط العقوبة المناسبة قياسا والأخطاء المهنية المرتكبة، كما يمكن أن تصل هذه العقوبة إلى درجة العزل النهائي من العمل.
الشروق ترصد حال المدرسة الجزائرية في 2014
كلام فاحش .. ملابس عارية وهيبة المعلم في خبر كان
تزاحم، شجارات، صراخ، وكلمات خادشة للحياء تخترق طبلة أذان المارة أذهب يا "...." وانتظر يا "..."، ومنحرفون وسكارى، وحتى الكلاب الضالة أحيانا!! ..قارورات خمر متراكمة أصبحت شظايا المكسرة منها سلاحا في يد مراهقين من الجنسين، يتلاعبون بها أحيانا كوسيلة للتهديد المازح أو للعنف ضد زملائهم من التلاميذ أو لمن كان يقال عنهم "كاد أن يكون رسولا".. أشباه زبونات الملاهي في سن البراءة يختفين في مآزر ثم ينزعنها على بُعد أمتار.. وأشباه "البلطجية" تحوّلت محافظهم لرزم تحمل أسلحة بيضاء وسجائر محشوة بالسموم..إنه الواقع المرير لبعض مدارسنا التي حضر فيها كل شيء وغابت التربية.
البداية كانت من مدارس وثانويات حسين داي والقبة، حيث كانت الساعة السابعة والنصف صباحا عندما تواجدنا أمام ثانوية عائشة أم المؤمنين، إذ لفت انتباهنا 3 تلاميذ يلتفون حول فتاة في سنهم يحاول كل واحد شدها من ملابسها، وهي تتحدث عن مغامراتها مع أحد الشبان بكل جرأة ووقاحة، فجأة أخرجت هاتفها وبدأت تتفحص في الصور المعبأة وتطلعهم عليها وفجأة حاولوا خطف الهاتف منها حيث صرخت بكلمة شبه عارية "هات.. امشي....!".
تلميذات تحوّلن إلى عارضات أزياء
وتكرر الكلام البذيء والخادش للحياء أمام عدد من ثانويات العاصمة حيث شاهدنا تلميذات ينزعن أحذية الكعب العالي والماكياج قبل دخولهن القسم، وبمجرد خروجهن من المدرسة يلون وجوههن بالمساحيق ويطلقن شعورهن وكأنهن ضقن بسويعة لشخصية "تلميذة" انتحلنها عن كره لسماع الدرس والاكتفاء بالمعلومة فقط كي تكون وسيلة للانتقال.
تلاميذ أمام بعض الإكماليات يحاولون تدخين سيجارة أو قطعة مخدرات قبل أن يراهم أحد المدرسين، ورأينا تلميذة شبه عارية تتسلل داخل إحدى المركبات.
مراحيض تتحول إلى أوكار للفساد
يقول أحد التلاميذ بثانوية بحسين داي، إن المرحاض تحوّل إلى وكر للفساد ومواعيد غرامية بين التلاميذ وبين التلميذات وأحد الأساتذة، واطلعنا على فيديو لتلميذة ترقص بطريقة فاضحة.
خلال استطلاعنا، تحدث التلاميذ عن تصرفات لا أخلاقية لا تمت إلى المعلم بصلة، فأستاذة تثور في وجه التلاميذ وتصفهم بـ"الفايحين" ومدرس يبصق في القسم ويتحدث مع عشيقته عبر الهاتف النقال دون حياء والتلاميذ يسمعون، وآخر يطلب من تلميذة لقاءه خارج القسم وشجارات مفاجئة خلال الدروس..
نوار العربي: الأولياء استقالوا من التربية فلماذا يحاسب المعلم
اعتبر المنسق الوطني للمجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني "كناباست"، نوار العربي، تصريح الوزيرة حول العنف جعل الأساتذة في قفص الاتهام وكأنهم المسؤولون عن العنف، موضحا أن التلاميذ وبالأخص في الثانوي أصبحوا يتمتعون ببعض السلطة، فلهم الحق في الخروج وإذا اتفق مجلس الأساتذة على فصل تلميذ ما فالإدارة تعيده لأن الأساتذة والمديرين لم تعد لديهم سلطة أمام بعض الأولياء، مضيفا أن بعض الأساتذة يفتقدون الخبرة والتكوين اللازمين حتى يتفهموا طرق التعامل مع التلاميذ لأن توظيفهم تم بطريقة مباشرة مع حرص الوزارة على جعل القيم والتي كان يتم استخلاصها من خلال النصوص مادة تحفظ لذا أصبحت الدرجات الكاملة شغل التلميذ على حساب القيم. وأردف العربي أن الأولياء يتحملون شطرا من المسؤولية لحرصهم على توفير الأمور المادية لأبنائهم وتسجيلهم في الدروس الإضافية مع منحهم حرية الدراسة دون متابعة يومية، حتى عند استدعائهم للحضور للمؤسسة التعليمة يرفضون الامتثال ليضطر الأستاذ التسامح مع التلميذ حرصا على مصلحته ومستقبله.
أحمد خالد: المعلمون استقالوا من دورهم التربوي
حمّل رئيس الاتحاد الوطني لجمعيات أولياء التلاميذ، أحمد خالد، الأساتذة والتلاميذ مسؤولية تدهور الأوضاع الأخلاقية في المدارس التي لم تعد تقوم بدورها في التربية وتخلت عنه، فاسحة المجال أمام بعض المظاهر غير الأخلاقية والتي تنعكس من خلال سلوكيات بعض الأساتذة، لتقتصر وظيفتهم على التعليم فقط، لذا يقع الشطر الأكبر من مسؤولية تدهور الأخلاق على عاتقهم.
وأوضح خالد أحمد أن بعض الأساتذة لا يمتون للتربية بأي صلة، ويتجلى هذا من خلال أسلوبهم وطريقة حديثهم مع الأولياء والتلاميذ، ضاربا مثالا بمعلمين يتنقلون لمؤسساتهم التعليمية بهندام غير محترم، وآخرين يمضون الوقت في التحدث هاتفيا أثناء الدوام على مسمع من تلاميذهم، حتى أن بعضهم يدخن السجائر في القسم وهو ما حوّلهم إلى أسوة سيئة للتلاميذ. وما زاد الطين بلة على حسب تصريح رئيس الاتحاد، هو تجرؤ بعض الأساتذة على التفوّه بعبارات غير أخلاقية وغير تربوية داخل الصرح التعليمي تعبيرا عن غضبهم، ما أفقدهم هيبتهم أمام الجيل الصاعد.
نقابات التربية: لهذه الأسباب غابت الأخلاق عن مدارسنا
يُعتبر إلغاء شعبة العلوم الإسلامية كاملة من الأطوار الثانوية إثر تطبيق ما عُرف بإصلاح التعليم الثانوي في 2003، من أهم الأسباب حسب الشركاء الاجتماعيين وأولياء التلاميذ في تدني أخلاق التلاميذ والطلبة، بعدما تمّ استبدالها بمادة وحيدة هي الشريعة الإسلامية تُدرس لمختلف الأطوار. وحسب قويدر يحياوي المُكلف بالتنظيم على مستوى النقابة الوطنية لعمال التربية "تواجه المدرسة الجزائرية اتهامات بغياب التربية فيها وفي مناهجها، وبوجود قطيعة بينها وبين الأسرة، فالبعض يحمّل الأسرة المسؤولية في انحراف سلوك التلاميذ وتوجههم نحو العنف والإجرام، وآخرون يحملون المسؤولية للمعلمين والأساتذة، بينما ترى الأغلبية أن المسؤولين على قطاع التربية وبقراراتهم غير المدروسة، عمّقوا الفجوة بين التعليم والتربية، خاصة بعد الإصلاحات التي عرفتها المنظومة التربوية سنة 2003."
وحسب مُحدّثنا "من الأخطاء القاتلة التي وقعت فيها كثير من الأسر الجزائرية، التقسيم بين مهام الأسرة والمدرسة، والاعتماد على المدرسة في تقويم سلوك أبنائهم المنحرف، وحصر دور الوالدين في توفير الطعام واللباس فقط. وفي الوقت نفسه تعتبر المدرسة عالما مكشوفا يغرس أنماط سلوكية واجتماعية مقبولة ومنبوذة في التلميذ أوسع من تلك التي تلقاها في المنزل".
تلاميذ يقتلون أساتذة وأساتذة يشوّهون تلاميذ
المعلم والتلميذ من الأقسام إلى أروقة المحاكم
شهدت المحاكم مؤخرا ارتفاعا في عدد القضايا التي يمثل فيها المعلم والتلميذ، في ملفات يتبادل كل واحد منهما التهم، فمنها من تتحدث عن تعرض المعلم إلى السب والشتم أو الضرب، وأخرى تكشف تلاميذ يصابون بجروح بليغة جراء عنف المعلمين عليهم تؤدي في بعض الأحيان إلى عاهات مستديمة. منها قضية معلم علوم طبيعية في إكمالية بالعاصمة، ضرب تلميذة عمرها 13 سنة فأصابها بنزيف داخلي برأسها ما أقعدها المستشفى شهورا وهي في حالة غيبوبة، وفقد تلميذ عمره 8 سنوات من ولاية ورڤلة عينه اليسرى بسبب تعرضه للضرب من قبل معلمته التي ثار غضبها بعد أن حصلت فوضى في القسم بسبب بعض التلاميذ المشاغبين، فدفع الثمن الضحية الذي بسبب صفعة ارتطم وجهه بحافة طاولة ما أدى إلى إصابته بنزيف على مستوى عينه اليسرى.
من جهة أخرى قامت الشروق باستطلاع في وسط التلاميذ قصد إجابتنا عن سؤال لماذا يضرب التلميذ المعلم؟ فصرح محمد طالب ثانوي، أنه في بعض الأحيان يستحق الأستاذ الضرب، مشيرا إلى أستاذه في مادة الفرنسية عندما كان في الإكمالي الذي كان لا يفوت يوما ويهين تلميذ أو تلميذة بالسب والشتم وفي أحيان كثيرة يضرب الذكور بالركلات ويصفع الإناث وأحيانا يتجاوز حدوده وينزع الخمار على رؤوسهن، ولأن شكاوى أوليائهم لم تجد آذانا صاغية قرر التلاميذ الانتقام لأنفسهم بعد أن ترصدوا للأستاذ عند خروجه من الإكمالية وصوّبوا نحوه وابلا من الحجارة. كما توفي أستاذ بثانوية بتيبازة متأثرا بالضرب المبرح الذي تعرض له من طرف تلميذه الذي رسب بسبب العلامة الضعيفة التي منحها له الضحية..