........
بن غبريط تجمّد كتب الجيل الثاني بسبب اللون!
15 يوما قبل الدخول المدرسي.. وبعد الانتهاء من عملية الطبع
الشروق : 14-08-2016
رفضت وزارة التربية "ترسيم" الكتاب المدرسي في طبعته الجديدة، حيث وجه الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية مراسلات إلى المطابع، التي تولت إنجاز كتاب "الجيل الثاني" يعلمهم فيها أن الكتب "غير مقبولة" بسبب "لون" الغلاف الخارجي، طالبا منهم إعادة تغيير الغلاف بلون آخر، ومنحهم مهلة إلى غاية الفاتح سبتمبر كأقصى تقدير، أي أربعة أيام فقط قبل الدخول المدرسي والتحاق التلاميذ بالمؤسسات التربوية.
والعجيب في القضية، حسب ما نقلته مصادر مطلعة لـ"الشروق" أن اللون لم يُعجب الوزيرة نورية بن غبريط، التي رفضت التأشير على دخول كتاب الجيل الثاني حيز التطبيق والشروع في توزيعه على التلاميذ، وذلك بعدما كانت قد وقعت على "اتفاقية" إنجاز ما لا يقل عن 9 ملايين كتاب، في شهر جويلية الماضي، وتضمنت الاتفاقية المبرمة مع المطابع المنجزة، كل الشروط الخاصة بشكل ومضمون الكتب.
وتشير المعطيات المتوفرة، إلى أن المراسلات الموجهة إلى المطابع المعنية، ومنها خاصة وحتى عمومية، فاجأت المعنيين ولقيت رفضا واستنكارا، والسبب أن عملية إنجاز الكتاب انتهت، وقد احترمت دفتر الشروط بما فيها "اللون" الذي لم يُعجب الوزيرة أو أوعز لها بعض مقربيها ومستشاريها بتعطيل العملية إلى غاية تغيير لون الكتب، من دون استشارة المعنيين والخبراء في هذا المجال.
ولأن العملية ليست بسيطة، فإن تغيير اللون بالطريقة الغريبة التي تريدها الوزيرة في الوقت بدل الضائع، ومع انطلاق العد التنازلي للدخول المدرسي، يبقى برأي عارفين تعجيزيا، حيث لا يمكن حسبهم إعادة إنجاز غلاف جديد باللون الذي تحبه الوزيرة خلال فترة الـ15 يوما المتبقية عن الدخول المدرسي 2016/2017.
والمثير في القضية أن أصحاب المطابع، أنفقوا أموالا باهظة لإنجاز كتاب "الجيل الثاني" وتسليمه في موعده المحدد مثلما تم الاتفاق عليه مع الوزارة الوصية، وهنا تشير أرقام غير رسمية إلى بلوغ الفاتورة الإجمالية لكتاب الموسم الجديد، نحو 30 مليار سنتيم، وهو ما يثير التساؤل حول كيفية تسديد هذا المبلغ، وكيف يُمكن تعويض أصحاب المطابع في حال فرض عليهم تغيير اللون بعدما أنهوا العملية؟ كما يستغرب مراقبون من مثل هذه التفاصيل، فلو كان التحفظ مرتبطا بمضمون الكتب أو خطأ في المعلومات والمفاهيم والتواريخ، لأمكن تفهم القرار، أما أن يتعلق الأمر بلون متفق عليه سالفا، فهذا هو غير المفهوم.
تخبط وزارة بن غبريط في تسيير ملف كتاب "الجيل الثاني"، قرأه أيضا في وقت سابق، الإلغاء المفاجئ لصفقة إنجاز الكتب بعدما شرع الفائزون في إطلاق عمليات التحضير التي كاد أن يعصف بها إعلان "عدم الجدوى"، الذي جاء آنذاك حسب المتضرّرين "مخالفا للقانون" وبطريقة "تعسّفية"، هدفها تجريد الفائزين الأصليين من "حقهم" ومنحها لجهات أخرى عن طريق التراضي.
وكان الفائزون بصفقة إنجاز 11 عنوانا من كتب "الجيل الثاني"، دقوا ناقوس الخطر وحذروا من تعطل عملية الطبع والتوزيع ونسف العملية برمتها، وبعد تسوية القضية، ها هي اليوم -تؤكد مصادر متطابقة- وزارة التربية تشوش بنفسها على "المشروع" وتتسبب في تأخيره، وهذه المرة تحت مبرّر "الوزيرة ماعجبهاش اللون"!
وقد طلب في وقتها "ضحايا" إلغاء مناقصة "الجيل الثاني"، "توضيحات" من ديوان المطبوعات المدرسية، غير أن الردّ كان بالنسبة إليهم "غير مقنع لعدّة مبررات"، وهم اليوم يجدون أنفسهم حسب مقربين منهم، في مأزق جديد، قد يكبدهم خسائر بالملايير أو يدفع الوزارة إلى تعويضهم في زمن التقشف.
وبلغة الأرقام، فإن المناقصة تخصّ طبع نحو 9 ملايين كتاب، موزعة على 11 عنوانا، بمعدل 800 ألف كتاب لكل عنوان، موجهة إلى نحو 3 ملايين تلميذ، الموسم القادم، إلا أن "نكتة اللون"، بعدما تم الانتهاء من إنجاز الكتب في وقت قياسي، بوسعها حسب ملاحظين تفجير أزمة جديدة تـُفرمل "الجيل الثاني" وتعصف بالدخول المدرسي وتجعله بلا كتب.