تعكف الوكالة الوطنية للموارد المائية على إعداد خريطة وطنية حول المناطق الأكثر عرضة للفيضانات في الجزائر بغرض تحديد مناطق الخطر، وستؤدي نتائج الدراسة إلى هدم كافة المنشآت والمساكن التي بنيت في المواقع التي تعبرها الوديان أو التي تتجمع فيها مياه الأمطار، وفق لمنا تنص عليه المادتان 52و53 من قانون المياه.
ودفعت التغيرات المناخية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة، وكذا تكرار مأساة الفيضانات عبر عديد الولايات بوزارة المياه إلى التفكير في إعداد خريطة وطنية بشأن المناطق الأكثر عرضة للفيضانات، وكلفت الوكالة الوطنية للموارد المائية بتنفيذها، ويؤكد أحسن آيت عمارة مدير التطهير وحماية البيئة بالهيئة ذاتها في لقاء مع الشروق أمس، بأنه من ضمن الولايات المهددة بأخطار الفيضانات العاصمة التي تتواجد بها عدة وديان، من ضمنها وادي الحراش ووادي الحميز ووادي شايح، إلى جانب ولاية غرداية التي يمر عبرها وادي ميزاب، موضحا بأن تعرض المنطقة إلى فيضان آخر من شأنه أن يؤدي إلى كارثة حقيقية. كما تعد ولاية بلعباس أيضا من بين الولايات التي تواجه مخاطر الفيضانات، بفعل وادي مكارة الذي يمر بوسط المدينة، إلى جانب باتنة وقسنطينة وكذلك البيض، وفي تقدير المسؤول ذاته فإن الولايات الجنوبية والهضاب والحضنة تصنف في المراتب الأولى من حيث درجة المخاطر التي قد تتعرض لها في حال وقوع فيضانات، موضحا بأن المختصين يعتمدون على معلومات تاريخية في معرفة مناطق الفيضانات، في حين أن الدراسة الجديدة ستسمح بإعداد خريطة وطنية حول كل المناطق التي تعد عرضة لمثل هذه الكوارث الطبيعية، مؤكدا بأن الطبيعة لا تقبل أي تغيير كما أن مسارات الوديان لا يمكن تحويل مسارها مهما تم استخدام الوسائل، لأنه قد يأتي اليوم الذي تأخذ فيها مسارها الطبيعي، وهو ما حدث في كثير من الولايات، وذكر على سبيل المثال فيضانات باب الوادي. وستكون الخريطة قيد الإنجاز بالتنسيق مع الوكالة الفضائية التي ستدعم المختصين بالصور عبر الأقمار الصناعية، وسيلة لدى المسؤولين المحليين والمركزيين لاتخاذ القرارات المتعلقة بإنجاز مختلف المشاريع خصوصا السكنية، كما ستلزم الجهات المعنية بهدم البنايات التي أقيمت في مناطق الفيضانات، تطبيقا لما ينص عليه قانون المياه، وستمنع أيضا رؤساء البلديات من منح تراخيص للبناء في المناطق المعرضة لهذه الأخطار. رؤساء البلديات يتحملون مسؤولية تفاقم مخاطر الفيضانات ويحمل المختصون رؤساء البلديات مسؤولية تزايد مخاطر الفيضانات التي تحصد سنويا الكثير من الأرواح، وتهدم العشرات من المباني السكنية والمنشآت، بسبب التراخيص التي يتم منحها دون دراسة مسبقة، في حين اعترف السيد آيت عمارة مسؤول التطهير وحماية البيئة بوزارة المياه بعدم نجاعة الدراسات التي كانت تجرى سابقا، لأنها كانت تكتفي بإنشاء مجمعات للمياه لتفادي الفيضانات في مناطق محددة، في حين أن الخريطة الوطنية التي سيستغرق إنجازها 18 شهرا ستعتمد على صور عبر الأقمار الصناعي التي ستحدد كافة مسارات الوديان ومناطق الفيضانات بالتدقيق وبصور شاملة. وطمأن المسؤول ذاته سكان باب الوادي بعدم تكرار مأساة 2001، بفعل بناء نفق قطره 4 أمطار ويمتد على 5 كلم ويقع 30 مترا تحت الأرض. وأعلن السيد آيت عمارة عن الشروع في دراسة لتطهير وادي الحراش بالتنسيق مع خبراء كوريين، وستخص العملية كمرحلة أولى 6 كلم مجموع 18.2 كلم التي تمثل طول وادي الحراش، وسيتم الاعتماد على تقنيات إيكولوجية في تنقيته وتصفيته، في انتظار ضبط التكلفة الإجمالية لتمديد هذا المشروع.